للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ﴾. قال: قال ابن عباسٍ: خلق الله آدمَ، ثم أَخْرَجَ ذُرِّيَّته من ظهرِه، فكَلَّمهم الله وأنطَقهم، فقال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾. ثم أعادَهم في صُلبِه، فليس أحدٌ من الخلقِ إِلَّا قد تكلَّم فقال: ربِّيَ اللهُ. وإنّ القيامة لن تَقُومَ حتى يُولَدَ من كان يومئذٍ أَشْهَدَ على نفسه.

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا عمرُو بنُ طلحةَ، عن أسباطَ، عن السُّدِّيِّ: ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾. وذلك حين يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا﴾ [آل عمران: ٨٣]. وذلك حينَ يقولُ: ﴿فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الأنعام: ١٤٩]. يعنى: يومَ أخَذ منهم الميثاق ثم عرَضَهم على آدم (١).

قال: ثنا عمرٌو، عن أسباطَ، عن السُّدِّيِّ، قال: أَخرَج الله آدم من الجنةِ، ولم يَهْبِطْ من السماءِ، ثم مسَح (٢) صَفْحةَ ظهرِه اليُمنى، فَأَخْرَج منه ذرَّيةً [كهيئةِ الذَّرِّ أبيضَ مثل اللُّؤْلُو] (٣)، فقال لهم: ادْخُلوا الجنة برحمتى. ومسَح صفحةَ ظهرِه اليسرى، فأخرَج منه [كهيئةِ الذَّرِّ سُودًا] (٤)، فقال: ادْخُلُوا النار ولا أُبالى. فذلك حينَ يقولُ: ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ﴾، ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ﴾ [الواقعة: ٢٧، ٤١]. ثم أخَذ منهم الميثاقَ، فقال: ﴿أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى﴾. فأعطاه (٥) طائفةٌ


(١) أخرجه ابن عبد البر في التمهيد ١٨/ ٨٥ من طريق عمرو بن حماد، عن أسباط، عن السدى بإسناده المعروف مطولا.
(٢) بعده في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "ظهر آدم".
(٣) في م: "بيضاء مثلى اللؤلؤ كهيئة الذر".
(٤) في م: "ذرية سوداء كهيئة الذر".
(٥) في م: "فأطاعه".