للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إبليسَ ومُعاتَبتِه، وأبَى إلا المعصيةَ، أوقَع اللهُ عليه اللعنةَ، ثم أخْرَجه مِن الجنةِ، أقْبَل على آدمَ وقد علَّمه الأسماءَ كلَّها، فقال: ﴿يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ﴾. إلى قولِه: ﴿إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾ (١).

ثم اختلَفَ أهلُ التأويلِ في الحالِ التى خُلقت لآدمَ زوجتُه، والوقتِ الذى جُعِلَت له سكنًا؛ فقال ابنُ عباسٍ بما حدَّثنى به موسى بنُ هارونَ، قال: حدَّثنا عمرٌو، قال: حدَّثنا أسْباطُ، عن السُّدِّىِّ في خبرٍ ذكَره عن أبى مالكٍ، وعن أبى صالحٍ، عن ابنِ عباسٍ، وعن مُرَّةَ، عن ابنِ مسعودٍ، وعن ناسٍ مِن أصحابِ النبيِّ ﷺ: فأُخْرِج إبْليسُ مِن الجنةِ حينَ لُعِن، وأُسْكِن آدمُ الجنةَ، فكان يَمْشِى فيها وَحْشًا (٢)، ليس له زَوْجٌ يَسْكُنُ إليها، فنام نَوْمةً، فاسْتيقظ وإذا عند رأسِه امرأةٌ قاعدةٌ، خلَقها اللهُ من ضِلَعِه، فسَألَها: من أنْتِ؟ قالت: امْرَأةٌ. قال: ولمَ خُلِقْتِ؟ قالت: تسكنُ إلَىَّ. قالت له الملائكةُ -ينظُرون ما بلغَ علمُه-: ما اسْمُها يا آدمُ؟ قال: حواءُ. قالوا: ولِمَ سميت حواءَ؟ قال: لأنها خُلِقَتْ مِن شيءٍ حيٍّ. فقال اللهُ له: ﴿يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا﴾ (٣).

فهذا الخبرُ يُنْبِئُ عن أن حَواءَ خُلِقَت بعدَ أن أُسكِن آدمُ الجنةَ، فجُعِلَت له سَكَنًا.

وقال آخَرون: بل خُلِقَت قبلَ أن يُسْكَنَ آدمُ الجنةَ.


(١) تقدم بتمامه في ص ٤٩٦.
(٢) أى وحده ليس معه غيره. اللسان (و ح ش).
(٣) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ١٠٣، ١٠٤. وأخرجه البيهقى في الأسماء والصفات (٨٢٠)، وابن عساكر في تاريخه ٧/ ٤٠٢ من طريق عمرو بن حماد به. وأخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٨٥ (٣٧٢) من طريق عمرو بن حماد، عن أسباط، عن السدى من قوله.