للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أبو سفيانَ (١) حين دنَا من الحجازِ يتحسَّسُ (٢) الأخبارَ، ويسألُ مَن لَقِيَ مِن الركبان تخوُّفًا [من الناس] (٣)، [حتى أصاب خبرًا من بعض الرُّكبان] (٤) أن محمدا قد استنفَر أصحابَه لكَ ولعيرِك. فحذِرَ عند ذلك، واستأجر ضَمضم بن عمرو الغفاريَّ، فبعثه إلى مكةَ، وأمره أن يأتى قريشًا يستنفِرُهم إلى أموالهم، ويخبرهم أن محمدا قد عرض لها في أصحابه، فخرج ضمضمُ بن عمرو سريعًا إلى مكةَ، وخرج رسولُ اللهِ في أصحابِه، حتى بلغ واديًا يقال له: ذَفِرَانُ. فخرج منه، حتى إذا كان ببعضِه، نزل، وأتاه الخبرُ عن قريش بمسيرهم، ليمنعُوا عِيرَهم، فاستشار النبي الناسَ، وأخبرهم عن قريشٍ، فقام أبو بكر، ، فقال فأحسَن، ثم قام عمر، ، فقال فأحسَن، ثم قام المقداد بن عمرٍو، فقال: يا رسولَ اللهِ، امضِ إلى حيثُ أمرك الله فنحنُ معكَ، والله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى: ﴿اذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾ [المائدة: ٢٤]، ولكن اذهب أنت وربُّك فقاتِلا إنا معَكُما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحقِّ لئن سِرْتَ بنا إلى بَرْكِ الغماد (٥) -يعنى مدينة الحبشةِ- لجالَدْنا معكَ مَنْ دونَه، حتى تبلغه. فقال له رسولُ اللهِ خيرا، [ثم دعا له بخير] (٦)، ثم قال رسول الله : "أَشْيرُوا عَلَيَّ أَيُّهَا النَّاسُ" (١).


(١) بعده في ت ١، ت ٢، ف: "يستيقن"، وفى ص: "استيقن".
(٢) في ص: "يحسس" وفى م: "يتجسس". وفى ف: "تجسيس" والتجسس والتحسس قيل: إنهما بمعنى. وقيل: بالجيم البحث عن العورات. وبالحاء الاستماع. وقيل: التجسس أن يطلبه لغيره. والتحسس: أن يطلبه لنفسه. ينظر النهاية ١/ ٢٧٢.
(٣) كذا في النسخ، ولعل الصواب: "على أموال الناس".
(٤) سقط من: ت ١، س، ف.
(٥) برك الغماد بكسر الغين وضمها، والكسر أشهر: موضع إلى الجنوب من مكة، على نحو مائتي كيلو متر مما يلى البحر. وقيل: موضع بأقاصى أرض هجر. وقد كانوا يكنون به عن المكان البعيد جدا. ينظر معجم البلدان ١/ ٥٨٩، والمعجم الكبير ٢/ ٢٥٩.
(٦) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.