للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حتى بلغ الصفراء (١)، فبلغ النبيَّ فركب في أثَرِه، فسبقه كُرْزُ بنُ جَابِرٍ، فرجع النبيُّ ، فأقام سنتَه، ثم إن أبا سفيانَ أقبَل من الشام في عِيرٍ لقريشٍ، حتى إذا كان قريبا من بدر، نزل جبريل على النبي ، فأوحى إليه: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾، فَنَفَر النبيُّ بجميعِ المسلمين، وهم يومئذ ثلاثمائةٍ وثلاثة عشر رجلًا، منهم سبعون ومائتان من الأنصارِ، وسائرُهم من المهاجرين، وبلغ أبا سفيان الخبر وهو بالبطمِ (٢)، فبعث إلى جميع قريشٍ وهم بمكةَ، فنفرت قريشٌ وغضبت.

حدَّثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج: ﴿وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾. قال: كان جبريل قد نزل، فأخبره بمسيرِ قريشٍ، وهى تريدُ عِيرَها، ووعده: إمَّا العير، وإما قريشًا، وذلك كان ببدر، وأخذوا السُّقاةَ وسألوها، فأخبروهم، فذلك قوله: ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾. هم أهل مكة.

حدَّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾ إلى آخر الآية: خرج النبيُّ إلى بدرٍ وهم يريدون يعترضون [عِيرًا لقريش] (٣)، قال: وخرج الشيطان في صورة سُراقةَ بن جُعشُمٍ، حتى أتَى أهل مكةَ، فاستغواهم وقال: إن محمدًا


(١) الصفراء: قرية فوق ينبع، كثيرة المزارع والنخل، وبينها وبين بدر مرحلة. ينظر معجم ما استعجم للبكرى ٣/ ٨٣٦، ومعجم البلدان ٣/ ٣٩٩.
(٢) كذا بالنسخ ولم نجد من ذكره ممن كتب في البلدان والأماكن، وقد رجح الشيخ شاكر ١٣/ ٤٠٤ أن هذه الكلمة تحريف (إضمَ) واد بجبال تهامة وهو الوادى الذي فيه المدينة، فالله أعلم.
(٣) في ف: "غير الفرس".