قالوا: فقال الشاعرُ: أردفَتْ. وإنما أراد: رَدِفتْ؛ جاءت بعدها؛ لأن الجوزاءَ تجيءُ بعد الثُّريا. وقالوا: معناه: إذا قُرِئ (مُرْدَفِينَ) أنه مفعولٌ بهم، كأن معناه: بألفٍ من الملائكةِ يُردِفُ اللَّهُ بعضهم بعضًا.
وقال آخرون: معنى ذلك إذا كُسِرَت الدالُ: أردفَت الملائكةُ بعضها بعضًا، وإذا قُرِئَ بفتحها: أردف الله المسلمين بهم.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا قراءة من قرأَ: ﴿بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ بكسرِ الدَّالِ (١)؛ لإجماعِ أهل التأويل على ما ذَكَرتُ من تأويلهم، أن معناه: يتبَعُ بعضُهم بعضًا ومتتابِعِين، ففى إجماعهم على ذلك من التأويل الدليلُ الواضح على أنّ الصحيحَ من القراءة ما اخْتَرْنا في ذلك من كسر الدال، بمعنى: أردف بعض الملائكة بعضًا، ومسموعٌ من العربِ: جئتُ مُرْدِفًا لفُلانٍ: أَى جِئْتُ بعده.
وأما قولُ من قال: معنى ذلك إذا قرئِ (مردَفين) بفتح الدال، أن الله أردَف المسلمين بهم، فقولٌ لا معنى له؛ إذ الذكر الذي في (مردَفين) من الملائكة دون المؤمنين.
وإنما معنى الكلام: أن يُمدَّكم بألفٍ من الملائكةِ يُردَفُ بعضُهم ببعض، ثم حذَف ذكر الفاعلِ، وأخرج الخبر غير مسمًّى فاعله، فقيل:(مردفين) بمعنى: مردفٌ بعضُ الملائكة ببعضٍ. ولو كان الأمر على ما قاله من ذكَرنا قوله، وجب أن يكون في (المردَفين) ذكر المسلمين لا ذكر الملائكة، وذلك خلافُ ما دلَّ عليه ظاهرُ القرآن.
وقد ذُكر في ذلك قراءةٌ أخرى، وهى ما حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: قال عبد الله بن يزيدَ (مُردِّفين)، و (مُرِدِّفينَ)، و (مُرُدِّفين)، مثقَّلٌ على