للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طاقةٌ، ﴿وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ﴾.

حُدِّثتُ عن الحسينِ بنِ الفرجِ، قال: سمِعتُ أبا معاذٍ يقولُ: ثنا عبيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمِعتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: (إذ يغشاكم النعاسُ أمنةً منه) إلى قولِه: ﴿وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ﴾. أن المشركين نزلوا بالماءِ يومَ بدرٍ، وغلَبوا المسلمين عليه، فأصابَ المسلمين الظمأُ، وصلَّوْا محدِثين مُجْنِبين، فألقَى الشيطانُ في قلوبِ المؤمنين الحزَنَ، ووسْوَس فيها: إنكم تزعمون أنكم أولياءُ اللهِ، وأن محمدًا نبيُّ اللهِ وقد غُلِبْتُم على الماءِ، وأنتم تُصلُّون محدِثين مجْنِبين. فأمطَر اللهُ السماءَ حتى سالَ كلُّ وادٍ، فشرِبَ المسلمون وملئُوا أسقِيتَهم، وسقَوْا دوابَّهم، واغتسَلوا من الجنابةِ، وثبَّت اللهُ به الأقدامَ، وذلك أنهم كان بينهم وبينَ عدوِّهم رملةٌ لا تجوزُها الدوابُّ، ولا يمشى فيها الماشى إلا (١) بجَهدٍ، فضربَها اللهُ بالمطرِ حتى اشتَدَّتْ وثبتتْ فيها الأقدامُ (٢).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: (إذ يغشاكم النعاسُ أمنةً منه). أى أَنزَلتُ عليكم الأمنةَ حتى نِمْتُمْ لا تخافون، [ونزَّلتُ (٣) عليكم من السماءِ المطرَ؛ الذي أصابَهم تلك الليلةَ] (٤)، فحُبِسَ المشركون أن [يسبقُوا إلى] (٥) الماءِ، وخُلِّى سبيلُ المؤمنين إليه، ﴿لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ﴾: ليُذهبَ عنهم شكَّ الشيطانِ بتخويفِه إيَّاهُم


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٥٦٣.
(٣) في م: "نزل".
(٤) في سيرة ابن هشام: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ للمطر الذي أصابهم تلك الليلة.
(٥) في ت ٢، ف: "يستقوا".