للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني تعالى ذكرُه: يا أيها الذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه ﴿إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ في القتال، ﴿زَحْفًا﴾. يقولُ: متزاحفًا بعضُكم إلى بعضٍ، والتزاحُفُ: التدانِي والتقاربُ، ﴿فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ﴾. يقولُ: فلا تولُّوهم ظهورَكُم فتنهزمُوا عنهم، ولكن اثْبُتوا لهم، فإنّ اللهَ معكُم عليهم، ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ﴾. يقولُ: ومن يولِّهم منكم ظهرَه، ﴿إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ﴾. يقولُ: إلا مُسْتطرِدًا لقتالِ عدوِّه بطلبِ عَوْرةٍ له يمكنُه إصابتُها، فيكُرُّ عليه، ﴿أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ﴾. أو إلَّا أن يولِّيَهم ظهرَه، ﴿مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ﴾. يقولُ: صائرًا إلى حيزِ المؤمنين الذين يفيئون (١) به معهم إليهم لقتالِهم، ويَرْجِعون به إليهم معهم.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا أبو خالدٍ الأحمرُ، عن جُوَيبرٍ، عن الضحَّاكِ: ﴿إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ﴾. قال: المتحرِّفُ: المتقدِّمُ من أصحابِه؛ ليرى عورةً (٢) من العدوِّ فيُصيبَها. قال: والمتحيِّزُ: الفارُّ إلى النبيِّ وأصحابِه، وكذلك من فرَّ اليومَ إلى أميرِه وأصحابِه. قال الضحَّاكُ: وإنما هذا وعيدٌ من اللهِ لأصحابِ محمدٍ ، ألا يفروا، وإنما كان النبيُّ وأصحابُه (٣) فئَتَهم (٤).


(١) في ف: "يعنون".
(٢) في ف: "غرة".
(٣) سقط من: م، ت ٢.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٧٠، ١٦٧١ من طريق أبي خالد الأحمر به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٣/ ١٧٣ إلى ابن المنذر.