للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فئتُكم (١).

قال ابنُ المباركِ، عن معمرٍ وسفيانَ الثوريِّ وابنِ عُيينةَ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ، قال: قال عمرُ : أنا فئةُ كلِّ مسلمٍ (٢).

وقال آخرون: بل هذه الآيةُ حكمُها عامٌّ فى كلِّ من ولَّى الدُّبُرَ عن العدوِّ منهزمًا.

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليِّ ابنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ، قال: أكبرُ الكبائرِ: الإشراكُ باللهِ، والفرارُ يومَ الزحفِ؛ لأن اللهَ ﷿ يقولُ: ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (٣).

وأولى التأويلين فى هذه الآيةِ بالصوابِ عندى: قولُ من قال: حكمُها مُحْكَمٌ، وأنها نزَلت فى أهلِ بدرٍ، وحكمُهما ثابتٌ في جميعِ المؤمنين، وأن اللهَ حرَّم على المؤمنين إذا لَقُوا العدوَّ أن يُولُّوهم الدُّبُرَ منهزمين، إلَّا لتحرُّفٍ لقتالٍ، أو لتحيُّزٍ إلى فئةٍ من المؤمنين حيثُ كانت من أرضِ الإسلامِ، وأن من ولَّاهم الدُّبُرَ بعدَ


(١) أخرجه ابن المبارك فى كتاب الجهاد (٢٣٣)، وابن أبى شيبة ١٢/ ٥٣٨ من طريق التيمي به.
(٢) أخرجه ابن المبارك فى كتاب الجهاد (٢٦٢)، وتفسير الثورى ص ١١٦، ومن طريقه عبد الرزاق في مصنفه (٩٥٢٤)، وابن أبى شيبة ١٢/ ٥٣٦، وأخرجه عبد الرزاق أيضًا والبيهقى ٩/ ٧٧ من طريق معمر وابن عيينة به، وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٥٤٠)، (٩٨٦ - تفسير) من طريق ابن أبي نجيح به، وأخرجه عبد الرزاق (٩٥٢٣)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٧٠ من طرق عن عمر.
(٣) أخرجه النحاس في الناسخ ص ٤٦١، والطبراني (١٣٠٢٣) مطولًا، من طريق أبي صالح به.