للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبدُ اللهِ: ما منكم من أحدٍ إِلَّا وهو مشتملٌ على فتنةٍ؛ إن اللهَ يقولُ: ﴿أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [الأنفال: ٢٨]. فليستعِذْ باللهِ من مُضِلَّات الفتنِ (١).

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ، قال: ثنا مباركُ بنُ فَضالةَ، عن الحسنِ، قال: قال الزبيرُ: لقد خُوِّفْنا بها. يعنى قولَه: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ (٢).

واختَلف أهلُ العربيةِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُ نحويى البصرةِ: تأويلُه (٣): اتَّقُوا فتنةً لا تُصيبَنَّ الذين ظلَموا. [وأما] (٤) قولُه: ﴿لَا تُصِيبَنَّ﴾. ليس بجوابٍ، ولكنه نهيٌ بعدَ أمرٍ (٥)، ولو كان جوابًا ما دخَلت النونُ.

وقال بعضُ نحويى الكوفةِ (٦): قولُه: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾. أمرهم ثم نهاهم، وفيه (٧) طَرَفٌ من الجزاءِ وإن كان نهيًا. قال: ومثلُه قولُه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ﴾ [النمل: ١٨]. أمَرهم ثم نهاهم، وفيه تأويلُ الجزاءِ. وكأن معنى الكلامِ عنده: اتقوا فتنةً إن لم تتقوها أصابتْكم.

وأما قولُه: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. فإنه تحذيرٌ من اللهِ ووعيدٌ لمن واقَع الفتنةَ التى حذَّره إيَّاها بقولِه: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً﴾. يقولُ: اعلَموا أَيُّها


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٨٥ من طريق المسعودى به، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٣/ ١٧٨ إلى أبى الشيخ.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٥٧٧ عن المصنف.
(٣) سقط من: م.
(٤) سقط من: م.
(٥) فى ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "نهى".
(٦) هو الفراء فى معاني القرآن ١/ ٤٠٧.
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "منه"، وفى م: "منكم". والمثبت من معاني القرآن.