للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَسْتَوْصِى به أو هو يَسْتَوْصِي بي؟ " (١).

وكان معنى مَكْرِ قومِ رسولِ اللهِ به ليُثْبِتوه كما حدَّثنا سعيدُ بنُ يحيى الأُموىُّ، قال: ثني أبي، قال: ثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، عن عبدِ اللهِ بنِ أَبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: وحدَّثنى الكَلْبِيُّ، عن باذانَ (٢) مَوْلى أمِّ هانئٍ، عن ابنِ عباسٍ، أن نفرًا من قريشٍ من أشرافِ كلِّ قبيلةٍ، اجْتمعوا ليدخُلوا دارَ الندوةِ، فاعترَضهم إبليسُ في صورةِ شيخٍ جليلٍ، فلما رأوه قالوا: من أنت؟ قال: شيخٌ من نَجْدٍ، سمِعْتُ أنكم اجْتَمعتم، فأردتُ أن أحضُرَكم ولن يعدَمَكم منى رأىٌ ونصحٌ. قالوا: أجلْ، ادخُلْ. فدخَل معهم، فقال: انظُروا (٣) شأنَ هذا الرجلِ، واللهِ ليُوشِكنَّ أن يواثبَكم (٤) في أمورِكم بأمرِه. قال: فقال قائلٌ: احْبِسوه في وَثاقٍ، ثم تربَّصوا به ريبَ (٥) المنونِ حتى يَهْلِكَ كما هلَك من كان قبلَه من الشعراءِ؛ زهيرٌ والنابغةُ، إنما هو كأحدِهم. قال: فصرَخ عدوُّ اللهِ الشيخُ النَّجْدىُّ، فقال: واللهِ ما هذا لكم برأيٍ، واللهِ [ليُخْرِجَنَّه ربُّه] (٦) من مَحْبِسِه إلى أصحابِه، فليُوشِكُنَّ أن يَثِبوا عليه حتى يأَخُذوه من أيديكم فيمنَعوه منكم، فما آمنُ عليكم أن يُخرجوكم من بلادِكم. قالوا: فانظُروا في غيرِ هذا. قال: فقال قائلٌ: أَخْرِجوه من بينِ أظهرِكم تستريحوا منه، فإنه إذا خرَج لن يضرَّكم ما صنَع وأين وقَع، إذا غاب عنكم أذاه


(١) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٥/ ١٦٨٨ من طريق ابن جريج به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٧٩ إلى سنيد وابن المنذر وأبى الشيخ.
(٢) فى النسخ، والدلائل للبيهقى: "زاذان". وينظر ما تقدم في ٩/ ٨٨.
(٣) بعده في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "إلى"
(٤) فى ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "يواتيكم".
(٥) زيادة من: م.
(٦) كذا في النسخ، وفى سيرة ابن هشام: "ليخرجن أمره"، وفى تاريخ المصنف، ودلائل أبي نعيم: "لخرج أمره". وفى تفسير ابن أبي حاتم، والدر المنثور: "ليخرجن رأيه".