للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمةِ وجَهَلتُها، فعاد اللهُ بعائدتِه ورحمتِه على سفهةِ هذه الأمةِ وجهلتِها.

حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ، قال: ثم ذكَر غِرَّةَ (١) قريشٍ واستِفتاحَهم على أنفسِهم: ﴿وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ﴾. أى: ما جاء به محمدٌ، ﴿فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾ كما أمطرتَها على قومِ لوطٍ، ﴿أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. أى: ببعضِ ما عذَّبت به الأممَ قبلَنا (٢).

واخْتَلف أهلُ العربيةِ (٣) فى وجهِ دخولِ ﴿هُوَ﴾ في الكلامِ؛ فقال بعضُ البصريين نُصِب ﴿الْحَقَّ﴾؛ لأن ﴿هُوَ﴾، واللهُ أعلمُ، حُوِّلت زائدةً في الكلامِ صلةَ توكيدٍ كزيادةِ "ما"، ولا تُزادُ إلا فى كلِّ فعلٍ لا يستغنى عن خبرٍ، ليست (٤) ﴿هُوَ﴾ بصفةِ ﴿هَذَا﴾؛ لأنك لو قلت: رأيتُ هذا هو. لم يكنْ كلامًا، ولا تكونُ "هذه" المضمر من صفةِ الظاهرةِ، ولكنها تكونُ من صفةِ المضمرةِ نحوَ قولِه: ﴿وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ﴾ [الزخرف: ٧٦]، و ﴿تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا﴾ [المزمل: ٢٠]. لأنك تقولُ: وجَدته هو وإياى. فتكون "هو" صفةً، وقد تكونُ فى هذا المعنى أيضًا غير صفةٍ، ولكنها تكونُ زائدةً كما كان في الأوَّلِ، وقد تُجْرَى في جميعِ هذا مُجْرَى الاسمِ، فيُرْفَعُ ما بعدَها إن كان ما (٥) بعدَها ظاهرًا أو


(١) فى م، ت ١، ت ٢، س، ف: "غيرة". والغرة: الغفلة والاغترار. ينظر اللسان (غ ر ر).
(٢) سيرة ابن هشام ١/ ٦٧٠. وأخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٥/ ١٦٩٠، ١٦٩١. من طريق سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن جعفر، عن عروة من قوله.
(٣) بعده فى ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "فى قوله و"، ولعله سقط من هذه النسخ قوله: "هو الحق". ويكون السياق: في قوله: هو الحق. ووجه دخول: هو في الكلام.
(٤) فى م: "ليس".
(٥) سقط من: م.