للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ﴾. قال: لهما ولذريتِهما.

قال أبو جعفرٍ: فإن قال قائلٌ: وما كانت عَداوةُ ما بينَ آدمَ وزوجتهِ وإبليسَ والحيةِ؟

قيل: أما عَداوةُ إبليسَ آدمَ وذريتَه، فحسَدُه إيّاه، واسْتِكبارُه عن طاعةِ اللهِ في السجودِ له حينَ قال لرِّبه: ﴿أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: ١٢، ص: ٧٦].

وأما عَداوةُ آدمَ وذريتِه إبليسَ، فعداوةُ المؤمنين إيّاه؛ لكفرِه باللهِ وعِصْيانِه ربَّه في تكبُّرِه عليه ومُخالفتِه أمرَه، وذلك مِن آدمَ ومؤمنِى ذريتِه إيمانٌ باللهِ.

وأما عَداوةُ إبليسَ آدمَ، فكفرٌ باللهِ.

وأما عَداوةُ ما بينَ آدمَ وذريتِه والحيّةِ، فقد ذكَرْنا ما رُوِى في ذلك عن ابنِ عباسٍ ووهبِ بنِ مُنَبِّهٍ، وذلك هى العَداوةُ التى بينَنا وبينَها، كما رُوِى عن رسولِ اللهِ أنه قال: "ما سَالَمْنَاهُنَّ منذ حارَبْنَاهُنَّ، فمن تَرَكَهُنَّ خَشْيَةَ ثَأْرِهِنَّ فليس منَّا".

حدَّثنى محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ الحكمِ، قال: حدَّثنا حجاجُ بنُ رِشدين (١)، قال: حدَّثنا حَيْوَةُ بنُ شُرَيْحٍ، عن ابنِ عَجْلانَ، عن أبيه، عن أبِى هُريرةَ، عن رسولِ اللهِ أنه قال: "ما سَالَمْنَاهُنَّ منذ حارَبْنَاهُنَّ، فمن تَرَكَ شَيئًا مِنْهُنَّ خِيفَةً فليس مِنَّا" (٢).


(١) في م: "رشد".
(٢) أخرجه أحمد ١٥/ ٣٦٠، ١٦/ ٤٣٣ (٩٥٨٨، ١٠٧٤١)، وأبو داود (٥٢٤٨)، والطحاوى في المشكل (١٣٣٨) من طرق عن ابن عجلان به. وأخرجه الحميدى (١١٥٦)، وأحمد ١٢/ ٣٢٤=