للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُضْمِرونه، إذ يُرِيك اللهُ عدوّكم وعدوَّهم ﴿فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا﴾. يقولُ: يُرِيكهم في نومِك قليلًا فتُخْبِرُهم بذلك، حتى قوِيَت قلوبُهم، واجْتَرءوا على حربِ عدوِّهم، ولو أراك ربُّك عدوَّك وعدوَّهم كثيرًا لفَشَل أصحابُك، فجبُنوا وخاموا (١)، ولم يَقْدِروا على حربِ القومِ، ولَتَنازعوا في ذلك، ولكنَّ اللَّهَ سلَّمهم مِن ذلك بما أراك فى منامِك من الرؤيا، إنه عليمٌ بما تُجِنُّه (٢) الصدورُ، لا يَخْفَى عليه شيءٌ مما تُضْمِرُه القلوبُ.

وقد زعَم بعضُهم أن معنى قولِه: ﴿إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا﴾. أي: في عينِك التى تنامُ بها، فصيَّر المنامَ هو العينَ، كأنه أراد: إذ يُرِيكهم اللهُ في عينِك قليلًا.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا﴾. قال: [أراه اللهُ إياهم] (٣) في منامِه قليلًا، فأخبرَ (٤) النبىُّ أصحابَه بذلك، فكان تَثْبيتًا لهم (٥).

حدَّثنى المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حذيفةَ، قال: ثنا شبلٌ، عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن


(١) في م: "خافوا". وخام: نكص وجبن، وخام عن القتال: جبن عنه. اللسان (خ ى م).
(٢) فى ص: "تجنيه"، وفى م: "تخفيه". وفى ت ٢: "تحفظه". وتجنه: تخفيه وتستره.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "أراهم الله إياه".
(٤) فى ص، ت ١، ف: "وأخبر".
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧٠٩ من طريق محمد بن عبد الأعلى به، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٥٩، ٢٦٠ عن معمر به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٣/ ١٨٨ إلى ابن المنذر.