للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٤٨)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بقوله: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ﴾: وحينَ زيَّن لهم الشيطانُ أعمالَهم.

وكان تزيينُه ذلك لهم كما حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بن صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليّ بن أبي طلحةَ، عن ابن عباسٍ، قال: جاء إبليسُ يومَ بدرٍ في جُنْدٍ مِن الشياطينِ معه رايتُه، [والشيطانُ] (١) في صورةِ رجلٍ مِن بني مُدْلِجٍ؛ في صورةِ سُراقةَ بن مالكِ بن جُعْشُمٍ، فقال الشيطانُ للمشركين: ﴿لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ﴾. فلما اصْطَفَّ الناسُ، أخذ رسولُ اللهِ قبضةً مِن الترابِ، فرَمى بها (٢) وجوهَ المشركين، فولُّوا مُدْبِرِين، وأقْبَل جبريلُ إلى إبليسَ، فلما رآه، وكانت يدُه في يدِ رجلٍ مِن المشركين، انْتَزَع إبليسُ يدَه، فولَّى مدبرًا (٣) وشِيعتُه، فقال الرجلُ: يا سُراقةُ، أَتَزْعُمُ أنك لنا جارٌ؟! قال: ﴿إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾. وذلك حين رأى الملائكةَ (٤).

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسْباطُ، عن


(١) سقط من: م.
(٢) بعده في م: "في".
(٣) بعده في م: "هو".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧١٥، والبيهقى مطولًا في دلائل النبوة ٣/ ٧٨، ٧٩ من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٩٠ إلى ابن المنذر وابن مردويه.