للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حَدَّثَنِي يونُسُ بنُ عبدِ الأعلي، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: هو قولُه: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾] (١).

وهذه الأقوالُ التى حكيْناها عمَّن حكيْناها عنه، وإن كانت مختلفةَ الألفاظِ، فإن معانيَها مُتَّفِقَةٌ في أن اللهَ تعالى ذكرُه لقَّى آدمَ كلماتٍ تلقَّاهن آدمُ مِن ربِّه فقبِلَهن، وعمِل بهن، وتاب -بقِيلِه إيَّاهن وعملِه بهن- إلى اللهِ مِن خطيئتِه، مُعْتَرفًا بذنبِه، مُتَنصِّلًا إلى رِّبه مِن خطيئتِه، نادمًا على ما سلَف منه مِن خلافِ أمرِه، فتاب اللهُ عليه بقبولِه الكلماتِ التى تَلقَّاهن منه، وندمِه على سالفِ الذنبِ منه.

والذى يَدُلُّ عليه كتابُ اللهِ جلّ ثناؤه أن الكلماتِ التى تَلقَّاهن آدمُ مِن ربِّه هن الكلماتُ التى أخْبَر جلّ ذكرُه عنه أنه قالها مُتَنَصِّلًا بقِيلِها إلى ربِّه، معترفًا بذنبِه، وهو قولُه: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾. وليس ما قاله مَن خالَف قولَنا هذا -مِن الأقوالِ التى حكَيْناها- بمدفوعٍ قولُه، ولكنه قولٌ لا شاهدَ عليه مِن حجةٍ يَجِبُ التسليمُ لها، فيَجوزَ لنا إضافتُه إلى آدمَ، وأنه مما تلَقَّاه مِن ربِّه عندَ إنابتِه إليه مِن ذنبِه.

وهذا الخبرُ الذى أخْبَر اللهُ عن آدمَ -من قيلِه الذى لقَّاه اللهُ إيّاه، فقاله تائبًا إليه مِن خطيئتِه- تَعريفٌ منه جلَّ ذِكرُه جميعَ المخاطَبِين، بكتابِه كيفيةَ التوبةِ إليه مِن


= الطهراني، عن عبد الرزاق به. وتقدم من وجه آخر عن قتادة في ص ٥٨١.
(١) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣.
والأثر ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ١١٦ عن ابن زيد.