للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾. يعني: في الميراثِ، جعَل الميراثَ للمهاجرين والأنصارِ دونَ ذوى الأرحامِ، قال اللَّهُ: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾. يقولُ: ما لكم من ميراثِهم من شيءٍ، وكانوا يَعْمَلون بذلك، حتى أنزل اللَّهُ هذه الآية: ﴿وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ﴾ [الأنفال: ٧٥]، [الأحزاب: ٦] في الميراث، فنَسَخت التي قبلَها، وصار الميراثُ لذوى الأرحامِ (١).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال ثني عمِّي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾. يقولُ: لا هجرة بعد الفتح، وإنما هو الشهادةُ بعدَ ذلك، ﴿وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ إلى قولِه: ﴿حَتَّى يُهَاجِرُوا﴾، وذلك أن المؤمنين كانوا على عهد رسولِ الله على ثلاثِ منازلَ؛ منهم المؤمنُ المهاجرُ المباينُ (٢) لقومِه في الهجرةِ، خرَج إلى قومٍ مؤمنين (٣) في ديارِهم وعَقارِهم وأموالِهم (٤). ﴿آوَوْا وَنَصَرُوا﴾. وأعلنوا ما أعْلَن أهلُ الهجرةِ، وشهَروا السيوفَ على من كذَّب وجحَد، فهذانِ مؤمنانِ جعَل اللَّهُ بعضَهم أولياءَ بعضٍ، فكانوا يَتَوارَثون بينَهم إذا تُوُفِّي المؤمنُ المهاجرُ (٥) بالولايةِ في الدينِ، وكان الذي آمَن ولم يهاجِرْ لا يَرِثُ؛ من أجلِ أنه لم يُهاجِرْ ولم ينصُرْ، فبرَّأ اللَّهُ المؤمنين المهاجرين من


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧٣٩، ١٧٤٠ مفرقًا ببعضه من طريق أبي صالح به. كما أخرجه ابن أبي حاتم في ٥/ ١٧٤٣ من طريق آخر عن ابن عباس بنحو شطره الثاني.
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "والمباين".
(٣) سقط من: ص، ت ١، س، ف.
(٤) بعده في م: "وفي قوله".
(٥) بعده في م: "ورثه الأنصارى".