للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانسَلَخ الأشهرُ الحُرُمُ، ومُدَّةُ مَن كان له عهدٌ من المشركين قبلَ أن تَنْزِلَ "براءةُ" أربعة أشهرٍ مِن يومِ أُذُنَ بـ "براءةَ" إلى عشرٍ من أوَّلِ ربيع الآخر، فذلك أربعةُ أشهرٍ (١).

حُدِّثتُ عن الحسينِ بن الفرجِ، قال: سمعتُ أبا مُعاذٍ، قال: ثنا عُبَيدُ بنُ سليمانَ، قال: سَمِعتُ الضَّحَّاكَ يقولُ في قوله: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١)﴾. قبل أن تَنْزِلَ "براءةُ" عاهَد ناسًا من المشركين مِن أهل مكةَ وغيرهم، فنَزَلَت: "براءةُ" من الله إلى كلِّ أحدٍ ممن كان عاهَدَك مِن المشركين، فإنى أَنْقُضُ العهدَ الذي بينَك وبينَهم، فأُوْجِّلُهم أربعةَ أشهرٍ يَسِيحون حيثُ شاءُوا من الأرض آمِنِين. وأجَّل مَن لم يكنْ بينَه وبينَ النبيِّ عهدٌ، انسلاخَ الأشهرِ الحُرُمِ مِن يومَ أُذِّنَ بـ "براءةَ"، وأُذِّنَ بها يومَ النَّحْرِ، فكان عشرين من ذى الحِجَّة، والمُحرَّمِ ثلاثين، فذلك خمسون ليلةً. فأمر الله نبيَّه إذا انسَلَحَ المُحرَّمُ أَن يَضَعَ السيفَ فيمَن لم يكنْ بينَه وبينَ نبيِّ اللهِ ، عهدٌ، يَقْتُلُهم حتى يَدخُلُوا في الإسلامِ، وأمَر بمَن كان له عهدٌ إذا انسَلَخ أربعةٌ من يومِ النَّحْرِ (٢)، أَن يَضَعَ فيهم السيفَ أيضًا، يَقْتُلَهم حتى يَدْخُلُوا في الإسلامِ. فكانت مُدَّةً مَن لا عهد بينه وبين رسول الله خمسين ليلةً من يومِ النَّحْرِ، ومُدَّةُ مَن كان بينَه وبين رسولِ الله عهدٌ أربعةُ أشهرٍ من يومِ النَّحْرِ إلى عشرٍ يَخْلُونَ مِن شهر ربيع الآخَرِ (٣).

حدَّثنا بِشْرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٤٥ عن العوفى به.
(٢) بعده في تفسير ابن كثير ٤/ ٤٥: "إلى عشر خلون من ربيع الآخر".
(٣) ذكر أوله ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٤٦ عقب الأثر (٩٢٠) معلقًا، وأخرجه مختصرًا أيضًا ٦/ ١٧٥٢، وذكر بعضه ابن كثير في تفسيره ٤/ ٤٥.