للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جُرَيجٍ، عن مجاهدٍ، قال: الحجُّ الأكبرُ أيامُ مِنًى كلُّها، ومَجامِعُ المشركين حينَ كانوا بذي المجَازِ وعُكاظٍ ومَجَنَّةَ، حينَ نُودِى فيهم أن لا يجتمعَ المسلمون والمشركون بعدَ عامِهم هذا، وأن لا يطوفَ بالبيتِ عُريانٌ، ومَن كان بينَه وبينَ رسولِ اللهِ عهدٌ، فعهدُه إلى مُدَّتِه (١).

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا أبو عُبَيدٍ، قال: كان سفيانُ يقولُ: يومُ الحَجِّ، ويومُ الجَمَلِ، ويومُ صِفِّينَ، أي: أيامُه كلُّها (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: حدَّثنا الحسينُ، قال: حدَّثني حَجَّاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾. قال: حينَ الحَجِّ، أي: أيامُه كلُّها.

قال أبو جعفرٍ: وأَوْلى الأقوالِ في ذلك بالصحةِ عندَنا، قولُ مَن قال: ﴿يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾: يومَ النَّحْرِ؛ لتَظاهرِ الأخبارِ عن جماعةٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ أن عليًّا نادَى بما أرسَله به رسولُ اللهِ مِن الرسالةِ إلى المشركين، وتَلا عليهم "براءةَ" يومَ النَّحْرِ. هذا، مع الأخبارِ التي ذكَرناها عن رسولِ اللهِ أنه قال يومَ النَّحْرِ: "أَتَدْرُون أيُّ يومٍ هذا؟ هذا يومُ الحَجِّ الأكبرِ".

وبعدُ، فإن اليومَ إنما يُضافُ إلى المعنى الذي يكونُ فيه، كقولِ الناسِ: يومُ عَرفةَ. وذلك يومُ وقوفِ الناسِ بعَرفةَ، ويومُ الأضْحى. وذلك يومٌ يُضَحُّون فيه، ويومُ الفِطْرِ، وذلك يومٌ يُفْطِرون فيه. وكذلك: يومُ الحَجِّ. يومٌ يَحُجُّون فيه، وإنما يَحُجُّ الناسُ ويَقْضُون مناسكَهم يومَ النَّحْرِ؛ لأن في ليلةِ نهارِ يومِ النَّحْرِ، الوقوفَ بعرفَةَ [غيرُ فائتٍ] (٣) إلى طلوعِ الفجرِ، وفي صَبيحتِها يُعْمَلُ أعمالُ


(١) تفسير البغوي ٤/ ١٢ عن ابن جريج عن مجاهد مختصرا.
(٢) تفسير البغوي ٤/ ١٢، وتفسير ابن كثير ٤/ ٥٢.
(٣) في م: "كان".