للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مجاهدٍ: ﴿وَلَا ذِمَّةً﴾. قال: الذمةُ العهدُ.

قال أبو جعفرٍ: وأَوْلى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ أن يقالَ: إن الله تعالى ذكرُه أخبرَ عن هؤلاء المشركين الذين أمَر نبيَّه والمؤمنين بقَتْلِهم بعدَ انسلاخِ الأشهرِ الحُرُمِ، وحَصْرِهم والقعودِ لهم على كلِّ مَرْصَدٍ - أنهم لو ظهَروا على المؤمنين لم يَرْقُبوا فيهم ﴿إِلًّا﴾. والإلُّ: اسمٌ يشتملُ على مَعانٍ ثلاثةٍ: وهى العهدُ والعقدُ، والحلِفُ، والقَرابةُ، وهو أيضًا بمعنى اللهِ. فإذْ [كانت الكلمةُ تشملُ] (١) هذه المعانيَ الثلاثةَ، ولم يكنِ الله خَصَّ مِن ذلك معنى دونَ معنًى، فالصوابُ أن يَعُمَّ ذلك، كما عَمَّ بها جلّ ثناؤُه، معانيَها الثلاثةَ، فيقالَ: لا يَرْقُبون في مؤمنٍ الله، ولا قرابةً، ولا عهدًا، ولا ميثاقًا.

ومن الدلالةِ على أنه يكونُ بمعنى القرابةِ، قولُ ابن مُقْبِلٍ (٢):

أفْسَدَ الناسَ خُلُوفٌ خَلَفُوا … قَطَعُوا الإِلَّ وَأعْرَاقَ الرَّحِمْ

بمعنى: قَطَعوا القَرابةَ، وقولُ حسانَ بن ثابتٍ (٣):

لَعَمْرُكَ إِنَّ إِنَّكَ مِن (٤) قُريشٍ … كإلِّ السَّقْبِ مِن رَأْلِ النَّعَامِ (٥)

وأما معناه إذا كان بمعنى العهدِ، فقولُ القائلِ (٦):


(١) في ص، ف: "فإن كان ذلك كله شمل". وفى ت ١، ت ٢، س: "فإن كان ذلك كلمة يشمل".
(٢) ينظر التبيان ٥/ ١٧٨.
(٣) ديوانه ص ١٠٥.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "في". والمثبت موافق لما في مصدر التخريج.
(٥) السقب: ولد الناقة الذكر حين يولد، والأنثى حائل والرأل ولد النعام. ديوانه الموضع السابق.
(٦) ينظر التبيان ٥/ ١٧٨.