للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختَلَفَت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فَقَرَأَته عامة قرأة الحجاز والعراق (يُضَاهُون). بغير همزٍ (١). وقرأه عاصم: ﴿يُضَاهِئُونَ﴾. بالهمز، وهى لغةٌ لثقيفٍ. وهما لغتان، يقال: ضاهَيْتُه على كذا، أَضَاهِيهِ مُضَاهاةً. و: ضَاهأْتُه عليه مُضاهأةً. إذا مالأْتَه عليه وأَعَنْتَه.

قال أبو جعفر: والصواب من القراءةِ في ذلك تَرْكُ الهمزِ؛ لأنها القراءةُ المستفيضة في قرأة الأمصار، واللغة الفصحى (٢).

وأما قوله: ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾. فإن معناه فيما ذُكر عن ابن عباس ما حدثني المثُنَّى، قال: ثنا أبو صالح، قال ثنى معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عباس قولَه: ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾. يقولُ: لَعَنَهم الله، وكلُّ شيءٍ في القرآنِ قَتْلُ فهو لَعْنٌ (٣).

وقال ابن جريج في ذلك ما حدثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حَجَّاج، عن ابن جريج قوله: ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾: يعنى النصارى، كلمةٌ من كلام العرب (٤).

فأمَّا أهل المعرفة بكلام العرب فإنهم يقولون: معناه: قَتَلَهم الله. والعرب تقولُ: قاتَعَك الله، وقاتَعَها الله. بمعنى: قاتَلَك اللَّهُ. قالوا: وقاتَعَك الله. أهونُ من: قاتله الله.

وقد ذكروا أنهم يقولون: شاقاه الله ما باقاه. يُريدون: أشقاه الله ما أبقاه. قالوا: ومعنى قوله: ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾. كقوله: ﴿قَاتَلَهُمُ اللَّهُ﴾ [الذاريات: ١٠].


(١) هي قراءة القراء العشرة عدا عاصم. السبعة ٣١٤.
(٢) القراءتان متواترتان، فلا تفاضل بينهما.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٨٣ من طريق الضحاك عن ابن عباس مقتصرا على قوله: لعنهم الله، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٣٠ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٣٠ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ.