للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحلال منهنَّ حرامًا - زيادةٌ في كفرهم وجُحُودِهم أحكام الله وآياته.

وقد كان بعضُ القرأة يقرأُ ذلك: (إنما النسيُّ). بتَرْكِ الهمز، وتركِ مَدِّه (١)، ﴿يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾.

واخْتَلَفَت القرأةُ في قراءة ذلك؛ فقَرَأته عامة قرأةِ (٢) الكُوفيين: ﴿يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. بمعنى: يُضِلُّ اللهُ بالنسئِ الذي ابتدعوه وأحدثوه الذين كفروا.

وقرأ ذلك عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرة وبعضُ الكوفيين: (يَضِلُّ به الذين كفروا). بمعنى: يزولُ عن مَحَجَّةِ اللهِ التي جَعَلها لعباده طريقًا يَسْلُكونه إلى مَرْضاتِه الذين كَفَروا (٣).

وقد حكى عن الحسن البصرى: (يُضِلُّ به الذين كفروا). بمعنى: يُضِلُّ بالنَّسِيءِ الذي سَنَّه الذين كَفَروا الناسَ (٤).

قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يُقال: هما قراءتان مشهورتان، قد قرأ بكلِّ واحدةٍ [من القراءة] (٥) أهل علمٍ (٦) بالقرآن [ومعرفةٍ] (٧) به، وهما متقاربتا المعنى؛ لأن مَن أضَلَّه الله فهو ضالٌّ، ومن ضلَّ فبإضلال الله إياه وخِذْلانِه له ضَلَّ، فبأيَّتِهما قرأ القارئ فهو للصواب في ذلك مُصِيبٌ.


(١) قراءة ورش وأبى جعفر بإبدال الهمزة ياءً وإدغام الياء قبلها فيها فيصير اللفظ بياء مشددة. النشر ١/ ٣١٤، وإتحاف فضلاء البشر ١٤٥.
(٢) سقط من: م.
(٣) قرأ عاصم - في رواية حفص - وحمزة والكسائى وخلف بضم الياء وفتح الضاد. وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر بفتح الياء وكسر الضاد. السبعة لابن مجاهد ص ٣١٤.
(٤) وقرأ بها يعقوب الحضرمي، ينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٤٣٧، وإتحاف فضلاء البشر ص ١٤٥، والنشر ٢/ ٢١٠.
(٥) في م: "القراء".
(٦) في م: "العلم".
(٧) في م: "والمعرفة".