للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عباسٍ قوله: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾. قال: النَّسِيءُ (١): أن جُنادة بن عوف بن أُمَيَّةَ الكِنانيَّ كان يُوافى الموسم (٢) كل عامٍ، وكان يُكنى أبا تمامةَ (٣)، فينادى: ألا إن أبا ثُمامةَ لا يحابُ (٤) ولا يُعابُ، ألا وإن صَفَرَ العامِ الأولِ العام (٥) حلالٌ. فَيُحِلُّه (٦) الناسُ، فيُحَرَّمُ صفرٌ عامًا، ويُحَرَّمُ المحرم عامًا، فذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ إلى قوله: ﴿الْكَافِرِينَ﴾. وقوله: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾. يقولُ: يَتركون المحرم عامًا، وعامًا يُحرِّمونه (٧).

قال أبو جعفر: وهذا التأويلُ من تأويل ابن عباسٍ يدلُّ على صحة قراءةِ مَن قرأ (النَّسيُّ) بتركِ الهمز وتركِ المدِّ. وتوجيهه معنى الكلام إلى أنه "فَعْلٌ" مِن قولِ القائل: نَسِيتُ الشيءَ أَنساه. ومن قولِ اللهِ: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧]. بمعنى: تَرَكوا الله فتَرَكَهم.

حدثني محمد بن سعد، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمى، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾. قال: فهو المحرم، كان يُحَرَّمُ عامًا وصفرٌ عامًا، وزِيدَ صفرٌ آخَرُ في الأشهر الحُرُم. وكانوا يُحَرِّمون صفرًا مرةً، ويُحِلُّونه مرةً، فعابَ الله ذلك. وكانت هَوازنُ وغَطَفانُ وبنو سُلَيْمٍ


(١) بعده في م: "هو".
(٢) بعده في م: "في".
(٣) بعده في ص، ت ١، س، ف: "فيوافى الموسم كل عام"، وبعده في ت ٢: "فيوافي كل عام".
(٤) في م، ف: "يجاب". ويحاب من الحوب وهو الإثم، والمعنى: لا يُنسب إلى الإثم. ينظر اللسان (ح و ب).
(٥) سقط من: م.
(٦) في م: "فيحل".
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٩٣، ١٧٩٤ من طريق عبد الله بن صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٣٦ إلى ابن مردويه بنحوه.