للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنزل الله: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾ إلى آخِرِ الآية (١).

وأما قوله: ﴿زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾، فإن معناه: زيادة كفر بالنَّسِيء إلى كفرهم بالله قبل (٢) ابْتِداعِهم النسئ.

كما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنى حَجَّاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن مجاهد: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ﴾. يقول: ازدادوا به كفرًا إلى كفرهم (٣).

وأما قوله: ﴿لِيُوَاطِئُوا﴾، فإنه من قول القائل: وَاطأتُ فلانًا على كذا أُواطِئُه مواطأةٌ. إذا وافقته عليه، مُعِينًا له، غيرَ مُخالفٍ عليه.

وروى عن ابن عباسٍ في ذلك ما حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللَّهِ بن صالح، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عباس قوله: ﴿لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ﴾. يقولُ: يُشبهون (٤).

وذلك قريب المعنى مما بَيَّنَّا؛ وذلك أن ما شابه الشيء فقد وافقه من الوجه الذي شابهه.

وإنما معنى الكلام: أنهم يُوافقون بعدة الشهور التي يُحَرِّمُونها عدةَ الأشهرِ الأربعةِ التي حَرَّمها الله، لا يَزِيدون عليها ولا يَنْقُصون منها، وإِن قَدَّموا وأَخَّروا. فذلك مواطأَةُ عِدَّتِهِم عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللهُ.


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٩٢ إلى قوله: هما محرمان. وقال عقبه: هذه صفة غريبة في النسئ وفيها نظر؛ لأنهم في عام إنما يحرمون على هذا ثلاثة أشهر فقط وفى العام الذي يليه يحرمون خمسة أشهر، فأين من قوله تعالى: ﴿يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله﴾.
(٢) في م: "وقيل".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٩٤ من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٩٥ من طريق أبي صالح به.