للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول تعالى ذكره: فأنزل الله طُمأنينته وسُكونه على رسوله. وقد قيل: على أبي بكر. ﴿وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا﴾. يقولُ: وقَوَّاه بجنود من عنده من الملائكة لم تَرَوْها أنتم، ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ (١): وهى كلمة الشِّرْكِ، ﴿السُّفْلَى﴾: لأنها قُهِرَت وأُذلَّت، وأبطَلَها الله تعالى، ومَحَق أهلها، وكلُّ مَقهورٍ ومَغلوب فهو أسفلُ مِن الغالب، والغالب هو الأعلى، ﴿وَكَلِمَةُ﴾. يقولُ: ودين الله وتوحيده وقول لا إله إلا الله، [وهى] (٢) كلمته، ﴿الْعُلْيَا﴾: على الشِّرْكِ وأهله، الغالية (٣).

كما حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى﴾: وهى الشِّرْكُ باللَّهِ، ﴿وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾: وهى لا إله إلا الله (٤).

وقوله: ﴿وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾. خبر مبتدأٌ، غيرُ مردودٍ على قوله: ﴿وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى﴾؛ لأن ذلك لو كان معطوفًا على الكلمة الأولى لكان نَصْبًا.

وأما قوله: ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾، فإنه يعنى: ﴿وَاللَّهُ عَزِيزٌ﴾ في انتقامِه مِن أهل الكفر به، لا يَقْهَرُه، قاهِرٌ، ولا يَغْلِبُه غالب، ولا يَنْصُرُ (٥) مَن عاقبه ناصرٌ، ﴿حَكِيمٌ﴾ في تَدْبيره خَلْقَه، وتَصْرِيفِه إياهم في مَشِيئَتِه.


(١) بعده في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "السفلى".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "وهو".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "الغالب".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٠١ من طريق أبي صالح به.
(٥) بعده في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "منه".