للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غزوة تبوك، فإنه بَيَّنَها للناس لبُعْدِ الشُّقَّة (١)، وشِدَّةِ الزمانِ، وكثرة العدوِّ الذي صمد له ليتأهَّبَ الناسُ لذلك أُهْبَتَه، وأمر الناسَ بالجهاد (٢)، وأخبرهم أنه يريد الروم، فتَجَهَّز الناسُ على ما في أنفسهم من الكُره لذلك الوجه؛ لما فيه، مع ما عظَّموا مِن ذكرِ الروم وغَزوهم. ثم إن رسول الله جدّ في سَفَرِه، فأمر الناس بالجهاد (٣) والانكماش (٤)، وحَضَّ أهلَ الغِنَى على النَّفَقةِ والحُمْلانِ في سبيل اللهِ (٥).

فلما خرج رسولُ اللهِ ، ضَرَب عَسْكره على ثَنِيَّةِ الوداع، وضَرَبَ عبدُ اللهِ ابن أُبِيٍّ ابْنُ سَلولَ عَسْكره على (٦) حِدَةٍ أسفل منه، بحَذْوِ (٧) ذُبَابٍ؛ جبل بالجبَّانةِ أسفل من ثَنية الوداع، وكان فيما يزعمون، ليس بأقل العسْكرين، فلما سارَ رسولُ اللهِ ، تَخَلَّف عنه عبد الله بن أُبَيٍّ فيمَن تَخَلَّفَ مِن المُنافِقِين وأهلِ الرَّيْبِ، وكان عبد اللهِ بنُ أُبَيٍّ أخا بنى عَوْفِ بن الخزرج، وعبدُ اللهِ بنُ نَبْتَلٍ أخا بنى عمرِو بن عوف، ورفاعةُ بن زيد (٨) بن التابوتِ أخا بني قينقاع، وكانوا مِن عُظَماء المنافقين، وكانوا ممن يَكِيدُ للإسلام وأهله. قال: وفيهم - كما ثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عمرِو بن عُبَيدٍ، عن الحسنِ البَصْرِيِّ -


(١) ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "المشقة".
(٢) في تاريخ الطبرى وسيرة ابن هشام: "الجهاز".
(٣) في م: "الجهاز".
(٤) الانكماش: الإسراع والجد. وينظر اللسان (ك م ش).
(٥) سيرة ابن هشام ٢/ ٥١٦، وأخرجه المصنف في تاريخه ٣/ ١٠١، وأخرجه البيهقي في الدلائل ٥/ ٢١٣، من طريق ابن إسحاق به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٤٨ إلى ابن المنذر.
(٦) بعده في النسخ: "ذى". وينظر تاريخ المصنف ٣/ ١٠٣ وسيرة ابن هشام ٢/ ٥١٩ حيث ذكر ذلك في سياق أثر طويل لابن إسحاق يحكى غزوة تبوك يجتزئ منه أبو جعفر هذه الأقوال.
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، س ف: "بحدو". وفى م والسيرة: "نحو". وفي تاريخ المصنف.
"بحذاء" والحذو والحذاء: الإزاء والمقابل. اللسان (ح ذ و).
(٨) في م: "يزيد".