للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَغُورُ فيه. إذا دَخَل، ومنه قيل: غارت العين. إذا دَخَلَت فِي الحَدَقَةِ. ﴿أَوْ مُدَّخَلًا﴾. يقولُ: أو سَرَبًا في الأرض يدخلون فيه. وقال: ﴿أَوْ مُدَّخَلًا﴾ (١)؛ لأنه مِن ادَّخَل يَدَّخِلُ.

وقوله: ﴿لَوَلَّوْا إِلَيْهِ﴾. يقولُ: لأدْبَروا إليه، هَرَبًا منكم، ﴿لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلًا لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ﴾. يقولُ: وهم يُسْرِعون في مشيهم.

وقيل: إن الجماحَ مَشىٌ بينَ المَشْيَين. ومنه قولُ مُهَلْهِلٍ (٢):

لقد جَمَحْتُ جماحًا في دِمائِهِمُ … حتى رأيتُ ذَوِى [أَحْسَابِهِمْ خَمَدُوا] (٣)

وإنما وصفهم الله بما وصفهم به من هذه الصفة؛ لأنهم إنما أقاموا بينَ أَظْهُرِ أصحاب رسول الله على كُفْرِهم ونفاقهم وعداوتهم لهم، ولما هم عليه من الإيمان بالله وبرسوله؛ لأنهم كانوا (٤) قَوْمَهم وعشيرتهم وفى دُورهم وأموالهم، فلم يَقْدِروا على تَرْكِ ذلك وفراقه، فصانعوا القومَ بالنِّفاق ودافعوا عن أنفسهم وأموالهم وأولادهم بالكفر ودَعْوى الإيمان، وفى أنفسهم ما فيها من البُغْضِ لرسول الله وأهل الإيمان به والعداوة لهم، فقال الله واصِفَهم بما في ضَمائرهم: ﴿لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ﴾ الآية.

وبنحو الذي قُلْنا في ذلك قال أهل التأويل.


(١) بعده في م: "الآية".
(٢) التبيان ٥/ ٢٤١.
(٣) في التبيان: "أجسامهم جمدوا".
(٤) بعده في م: "في".