للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وَيْلَكَ، فمَن ذَا يَعْدِلُ عليك بَعْدِي؟ ". ثم قال نبي الله : "احْذَرُوا هذا وأشباهَه، فإن في أمتى أشباه هذا، يَقْرَءُون القرآنَ لا يُجاوِزُ تَراقِيهم، فإذا خَرَجُوا فَاقْتُلُوهم، ثم إذا خَرَجوا فاقْتُلُوهم، ثم إذا خَرَجوا فاقْتُلُوهم". وذُكر لنا أن نبيَّ الله كان يقول: "والذي نفسي بيده، ما أُعطيكم شيئًا ولا أَمْنَعُكُمُوه، إنما أنا خازنٌ" (١).

حدثنا محمدُ بنُ عبدِ الأَعْلَى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، عَن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾. قال: يَطْعُنُ (٢).

قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ عن مَعْمَرٍ عن الزُّهْرِيِّ، عن أبي سَلَمةَ بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد، قال: بينما رسولُ اللَّهِ يَقْسِمُ قَسْمًا، إذ جاءه ابن ذى الخُوَيْصِرَةِ التَّمِيميُّ (٣)، فقال: اعْدِلْ، يا رسولَ اللَّهِ. فقال: "وَيْلَكَ! ومَن يَعْدِلُ إِن لم أَعْدِلْ؟ ". فقال عمرُ بنُ الخطاب: يا رسولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لي فَأَضْرِبَ عُنقه، قال: "دَعْهُ، فإن له أصحابًا يَحْقِرُ (٤) أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صِيامهم، يَمْرُقُون من الدين كما يَمْرُقُ السَّهْمُ مِن الرَّمِيَّةِ، فيُنْظَرُ فِي قُذَذِهِ (٥)، فلا يَنْظُرُ شيئًا، ثم يُنْظُرُ في نَصْلِه فلا يَجِدُ شيئًا، ثم يُنْظُرُ فِي رِصافِهِ (٦) فَلا يَجِدُ شَيئًا، قد سَبَقَ الفَرْثَ والدَّمَ، آيتُهُم رجلٌ أسودُ، إحْدَى يَدَيْه - أو قال: يَدَيْه - مثلُ ثَدْي المرأةِ، أو مثلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ (٧)، يَخْرُجُون على حين فَتْرَةٍ مِن الناسِ". قال: فنَزَلَت: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾. قال أبو سعيد: أَشْهَدُ أَنِّي سمِعتُ هذا مِن


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ١٠٤.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٧٧ عن معمر به.
(٣) اسمه على الصواب: "ذو الخويصرة"، ينظر أسد الغابة ٢/ ١٧٢، والإصابة ٢/ ٤١١.
(٤) في ص، ف: "يحتقر".
(٥) القذذ: ريش السهم. النهاية ٤/ ٢٨.
(٦) الرصاف: عقب يلوى على مدخل النصل. النهاية (ر ص ف).
(٧) تدردر: أي ترجرج تجيءُ وتذهب. والأصل تتدردر، فحذف إحدى التاءين تخفيفا. النهاية ٢/ ١١٢.