للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانوا خَسًا أو زَكًا مِن دونِ أربعةٍ … لم يُخْلَقوا وجُدودُ (١) الناسِ تَعْتَلِجُ (٢)

[قال أبو جعفرٍ: خسًا: الوترُ، وزكًا: الشَّفْعُ] (٣).

وقال الرَّاجزُ (٤):

فلا خَسًا عَدِيدُه ولا زَكا

كما شِرارُ البَقْلِ أطرافُ السَّفَا

قال أبو جعفرٍ: السفا: شَوكُ البُهْمَى، والبُهْمى: الذي يكونُ مُدَوَّرًا في السُّلَّاءِ (٥). يعنى بقولِه: ولا زكَا: لم يُصَيِّرْهم شَفْعًا مِن وِتْرٍ بحُدوثِه فيهم.

وإنما قيل للزكاةِ: زكاةٌ، وهى مالٌ تَخْرُجُ مِن مالٍ؛ لتثميرِ اللهِ جلَّ وعزّ -بإخراجِها مما أُخْرِجَت منه- ما بِقى عندَ ربِّ المالِ مِن مالِه. وقد يَحْتَمِلُ أن تَكونَ سُمِّيت زكاةً لأنها تطهيرٌ لما بقِى مِن مالِ الرجلِ، وتخليصٌ له مِن أن تكونَ فيه مَظْلِمةٌ لأهلِ السُّهْمانِ، كما قال اللهُ جل ثناؤُه مخبرًا عن نبيه موسى صلواتُ اللهِ عليه: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً﴾ [الكهف: ٧٤]. يعنى: بريئةً مِن الذنوبِ طاهرةً. وكما يقالُ للرجلِ: هو عَدْلٌ زَكِىٌّ. بذلك المعنى.

قال أبو جعفرٍ: وهذا الوجهُ أعجبُ إلىَّ في تأويلِ زكاةِ المالِ مِن الوجهِ الأولِ،


(١) جدود: حظوظ. اللسان (ج د د).
(٢) تعتلج: تتصارع. اللسان (ع ل ج).
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢.
(٤) هو هريم بن جواس التميمى، والرجز بروايات مختلفة في الأغانى ٢١/ ٣٠، وطبقات فحول الشعراء ٢/ ٧٣٩، ومعجم الشعراء ص ٤٧٣.
(٥) في النسخ: "السلى". والصواب ما أثبتناه. والسلاء: جمع سلاءة وهو شوك النخل. اللسان (س ل أ). وينظر تعليق الشيخ شاكر.