للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بل نَزَلت في عبدِ اللهِ بن أبيٍّ ابن سلولَ، قالوا: والكلمةُ التي قالَها ما حدَّثنا به بِشْرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا﴾. إلى قولِه: ﴿مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ﴾. قال: ذُكِر لنا أن رجلَين اقْتَتَلا، أحدُهما مِن جُهَينةَ، والآخرُ مِن غِفارٍ، وكانت جُهَينةُ حلفاءَ الأنصارِ، وظَهَرَ الغِفارِيُّ على الجُهَنِيِّ، فقال عبدُ اللهِ بنُ أُبَيٍّ للأوسِ: انصُروا أخاكم، فواللهِ ما مَثَلُنا ومَثَلُ محمدٍ إلا كما قال القائلُ: سَمِّنْ كلبَك يأكُلْك. وقال: ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾ [المنافقون: ٨]. فسعى بها رجلٌ من المسلمين إلى نبيِّ اللهِ ، فأرسل إليه فسأله، فجَعَل يحلفُ باللهِ ما قاله، فأنزَل اللهُ : ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ﴾ (١).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأَعْلَى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، عَن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ﴾. قال: نَزَلَت في عبدِ اللهِ بن أُبيٍّ ابن سلولَ.

قال أبو جعفرٍ: والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندَنا أن يقالَ: إن الله تعالى أخبرَ عن المنافقين أنهم يَحْلِفون باللهِ كذبًا على كلمةِ كفرٍ تَكَلَّموا بها أنهم لم يقولوها، وجائزٌ أن يكونَ ذلك القولُ ما رُوِيَ عن عُروةَ أن الجُلَاسَ قاله، وجائزٌ أن يكونَ قائلُه عبدَ اللهِ بنَ أُبيٍّ ابنَ سلولَ، والقولُ ما ذَكَر قتادةُ عنه أنه قال، ولا علم لنا بأيِّ (٢) ذلك مِن أيٍّ، إذْ كان لا خبرَ بأحدِهما يُوجِبُ الحُجَّةَ، ويُتَوَصَّلُ به إلى يقينِ العلمِ به، وليس مما يُدْرَكُ علمُه بفطرةِ العقلِ، فالصوابُ أن يقالَ فيه كما قال اللهُ جلّ ثناؤه: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ﴾.


(١) سيأتي تخريجه والأثر بعده في تفسير الآية ٨ من سورة "المنافقون".
(٢) في ص، م: "بأن"، وفى ت ١، ت ٢، س، ف: "فإن" وتقدم مثله كثيرا، ينظر مثلا ١/ ٥٥٦.