للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولِه: ﴿وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾: ذُكِر لنا أن نبيَّ اللهِ حَدَّثَ أن موسى الله لمَّا جاء بالتوراةِ إلى بنى إسرائيلَ، قالت بنو إسرائيلَ: إن التوراةَ كثيرةٌ، وإنا لا نفرُغُ لها، فسَلْ لنا ربَّك جماعًا مِن الأمرِ نحافظُ عليه، ونَتَفرَّغُ فيه لمَعاشِنَا. قال: يا قومِ مَهلًا مَهْلًا، هذا كتابُ اللهِ، ونورُ اللهِ، وعِصْمةُ اللهِ. قال: فأَعَادوا عليه، فأعادَ عليهم، قالها ثلاثًا. قال: فأوحَى اللهُ إلى موسى: ما يقولُ عبادى؟ قال: يا ربِّ يقولون: كَيْتَ وكَيْتَ. قال: فإنى أمُرُهم بثلاثٍ، إن حافَظوا عليهنَّ دَخَلُوا بهنَّ الجنةَ، أن يَنْتَهُوا إلى قِسْمةِ الميراثِ فلا يَظْلِموا فيها، ولا يُدْخِلوا أبصارَهم البيوتَ حتى يُؤْذَنَ لهم، وألا يَطْعَموا طَعامًا حتى يتَوضَّئوا وضوءَهم للصلاةِ. قال: فرَجَع بهنَّ نبيُّ اللهِ إلى قومِه، ففَرِحوا ورأَوا (١) أنهم سيقومون بهنَّ. قال: فواللهِ ما لَبِثَ القومُ إلا قليلًا حتى حَقْحَقُوا (٢) وانقُطِعَ بهم. فلما حَدَّثَ نبيُّ اللهِ بهذا الحديثِ عن بني إسرائيلَ، قال: "تَقبَّلُوا (٣) لى [ستًّا أتقبَّلْ] (٤) لكم الجنَّةَ (٥) ". قالوا: ما هُنَّ يا رسولَ اللهِ؟ قال: "إذا حَدَّثَتُم فلا تَكْذِبوا، وإذا وَعَدتُم فلا تُخْلِفوا، وإذا ائتُمِنْتُم فلا تَخونُوا، وكُفُّوا أبصارَكم وأيديَكم وفُروجَكم (٦)؛ أبصارَكم عن الخيانةِ، وأيديَكم عن السرقةِ، وفروجَكم عن (٧) الزِّنا" (٨).


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "رووا".
(٢) في م: "جنحوا" وحقحق القوم: إذا اشتدوا في السير. اللسان (ح ق ق).
(٣) في م: "تكفلوا". وتقبل وتكفّل بمعنًى. ينظر اللسان (ق ب ل).
(٤) في م: "بست أتكفل".
(٥) في م: "بالجنة".
(٦) بعده في م: "و".
(٧) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "من".
(٨) أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت (٥١٧) من طريق يزيد به إلى قوله: بما كانوا يكذبون ومن هنا إلى آخره عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٦٢ إلى أبى الشيخ، وأخرج المرفوع منه ابن أبي شيبة وأحمد بن منيع في مسنديهما كما في المطالب العالية (١، ٢/ ٢٩٠٩)، وأبو يعلى (٤٢٥٧)، والحاكم ٤/ ٣٥٩، والخطيب في الموضح ٢/ ١٦٨ من حديث أنس. وأخرجه أحمد ٥/ ٣٢٣ (ميمنية)، والبيهقى ٦/ ٢٨٨ من حديث عبادة.