للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهلِ هذه الصدقاتِ؟ [فقال: "لا"] (١). فقال عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ: إن عندى مائةَ أوقيةٍ من ذهبٍ في الصدقاتِ. فقال له عمرُ بنُ الخطابِ: أمجنونٌ أنت؟ فقال: ليس بي جنونٌ. فقال: أتعلمُ (٢) ما قلتَ؟ قال: نعم، مالى ثمانيةُ آلافٍ؛ أمَّا أربعةُ آلافٍ فأُقْرِضُها ربي، وأمَّا أربعةُ آلافٍ فلِى. فقال له رسولُ اللهِ : "بارَكَ اللهُ لك فيما أمْسَكْتَ وفيما أعْطَيْتَ". ولَمَزَه (٣) المُنافِقون فقالوا: واللهِ ما أعطَى عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ عَطِيَّتَه إلا رياءً. وهم كاذِبون، إنما كان به مُتَطَوِّعًا، فأَنزَل اللهُ عُذْرَه وعذرَ صاحبِه المسكينِ الذي جاء بالصَّاعِ مِن التمرِ، فقال اللهُ في كتابِه: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ﴾ الآية (٤).

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبو أُسامةَ، عن شِبْلٍ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ﴾. قال: جاء (٥) عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ بصدقةِ مالِه أربعةِ آلافٍ، فلَمَزَه المُنافِقون، وقالوا: رَاءَى. ﴿وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ﴾. قال: رجلٌ مِن الأنصارِ، آجَرَ نفسَه بصاعٍ من تمرٍ، لم يكن له غيرُه، فجاء به فلَمَزُوه، وقالوا: كان اللهُ غَنِيًّا عن صاعِ هذا.

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ نحوَه (٦).


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٢) في ص: "أفعلنا"، وفى ت ١، ت ٢، س: "أفعلمنا"، وفى ف: "أتعلمنا".
(٣) في م، ف: ف: "كره".
(٤) أخرجه ابن مردويه - كما في تخريج الزيلعي ٢/ ٨٩، ٩٠ من طريق محمد بن سعد به.
(٥) في ص، ت ٢، س، ف: "حدثنا".
(٦) تفسير مجاهد ص ٣٧٣، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٥٠، ١٨٥١ من طريق ابن جريج عن مجاهد مطولا بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٦٣ إلى ابن المنذر.