للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد بَيَّنَّا معنى اللَّمْزِ (١) في كلامِ العربِ بشواهدِه، وما فيه مِن اللغةِ والقراءةِ فيما مَضَى (٢).

وأما قولُه: ﴿الْمُطَّوِّعِينَ﴾، فإن معناه: المُتَطَوِّعِين، أُدْغِمَتِ "التاءُ" في "الطاءِ"، فصارت "طاءً" مشددةً، كما قيل: (ومن يَطَّوَّعَ خَيْرًا) [البقرة: ١٥٨] يعنى: يَتَطَوَّعُ.

وأما الجُهْدُ، فإن للعرب فيه لُغَتَين؛ يقال: أعْطانى مِن جُهْدِه، بضمِّ الجيمِ، وذلك - فيما ذكر - لغةُ أهلِ الحجازِ. ومن جَهْدِه (٣) بفتحِ "الجيمِ"، وذلك لغةُ نجدٍ.

وعلى الضمِّ قراءةُ الأمصارِ، وذلك هو الاختيارُ عندَنا؛ لإجماعِ الحجةِ من القرأةِ عليه.

وأما أهلُ العلمِ بكلامِ العربِ مِن رُواةِ الشعرِ وأهلِ العربيةِ، فإنهم يَزْعُمون أنها مفتوحةٌ ومضمومةٌ بمعنىً واحدٍ، وإنما اختلافُ ذلك لاختلافِ اللغةِ فيه، كما اخْتَلَفَت لغاتُهم في الوُجْدِ والوَجْدِ، بالضمِّ والفتحِ مِن "وَجَدْتُ".

ورُوِى عن الشعبيِّ في ذلك ما حدَّثنا أبو كُرَيبٍ، قال: ثنا جابرُ بنُ نوحٍ، عن عيسى بن المغيرةِ، عن الشعبيِّ، قال: الجَهْدُ (٤) في العملِ، والجُهْدُ في القوتِ (٥).


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "الهمز".
(٢) تقدم في ص ٥٠٥.
(٣) في م: "جهد".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، س: "الجهد والجهد فالجهد".
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٥٣ من طريق عيسى بن المغيرة بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٦٣ إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبى الشيخ.