للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللهِ ورسالةَ رسولِه، ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾. يقولُ: واللهُ لا يوفِّقُ للإيمانِ به وبرسولِه مَن آثرَ الكفرَ به، والخروجَ عن طاعتِه على الإيمانِ به وبرسولِه.

ويُرْوَى عن رسولِ اللهِ أنه حينَ نَزَلَت هذه الآيةُ، قال: "لأزِيدَنَّ في الاستغفارِ لهم على سبعين مرةً"؛ رجاءً منه أن يغفِرَ اللهُ لهم، فنَزَلَت: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ (١) [المنافقون: ٦].

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا عَبْدةُ بنُ سليمانَ، عن هشامِ بن عُروةَ، عن أبيه، أن عبدَ اللهِ بنَ أبيٍّ ابنَ سلولَ قال لأصحابِه: لولا أنكم تُنْفِقون على محمدٍ وأصحابِه لانْفَضُّوا مِن حولِه. وهو القائلُ: ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾ [المنافقون: ٨]. فأنزَل اللهُ: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾. قال النبيُّ : "لأَزِيدَّ على السبعين". فأنزَل اللهُ: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾، فأبَى اللهُ أن يغفرَ لهم (٢).

حدَّثنا ابن حميدٍ وابنُ وكيعٍ، قالا: ثنا جريرٌ، عن مُغِيرةَ، عن شِباكٍ (٣)، عن الشعبيِّ، قال: دَعا عبدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بن أبيٍّ ابن سلولَ النبيَّ إلى جنازةِ أبيه، فقال له النبيُّ : "مَن أنت؟ ". قال: الحُبابُ بنُ عبدِ اللهِ بن أبيٍّ. فقال له النبيُّ: : "بل أنتَ عبدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بن أُبيٍّ ابن سلولَ؛ إن الحُبابَ هو الشيطانُ". ثم قال النبيُّ : "إنه قد قِيل لى: ﴿اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾، فأنا أستغفِرُ لهم سبعين وسبعين


(١) أخرجه البخارى (٤٦٧٠، ٤٦٧٢)، ومسلم (٢٤٠٠، ٢٧٧٤) من حديث ابن عمر.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٥٤ من طريق عبدة بن سليمان به.
(٣) في ف: "سالم"، وينظر تهذيب الكمال ٢٨/ ٣٩٨.