للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَاصِدًا لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ﴾، ونَزَلَ عليه: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ﴾، ونَزَلَ عليه: ﴿لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾، ونَزَلَ عليه: ﴿إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾، فسمِع ذلك رجلٌ ممن غزا مع النبيِّ ، فأتاهم وهم خلفَهم، فقال تَعلَمون أن قد نَزَلَ على رسولِ اللهِ بعدَكم قرآنٌ. قالوا: ما الذي سَمِعتَ؟ قال: ما أدرى، غيرَ أني سمِعتُ أنه يقولُ: إنهم رِجْسٌ. فقال رجلٌ يُدْعَى مَخْشيًّا (١): واللهِ، لوَدِدتُ أنى أُجلَدُ مائةَ جلدةٍ وأنى لستُ معكم. فأتى رسولَ اللهِ فقال: "ما جاء بك؟ ". فقال: وَجْهُ رسولِ الله تَسْفَعُه الريحُ، وأنا في الكِنِّ (٢). فأنزلَ اللهُ تعالى عليه: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي﴾، ﴿وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ﴾، ونزَلَ عليه في الرجلِ الذي قال: لوَدِدتُ أنى أُجلَدُ مائةَ جلدةٍ. قولُ اللهِ تعالى: ﴿يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾، فقال رجلٌ مع رسولِ اللهِ: لئن كان هؤلاء كما يقولون ما فينا خيرٌ. فبَلَغ ذلك رسولَ اللهِ ، فقال له: "أنت صاحبُ الكلمةِ التي سمِعتُ؟ ". فقال: لا والذي أنزَلَ عليك الكتابَ. فأنزلَ اللهُ فيه: ﴿وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ﴾، وأنزَل فيه: ﴿وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ (٣).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرَنا ابن وَهْبٍ، قال: أخبرَني يونسُ، عن ابن شهابٍ، قال: أخبرَني عبدُ الرحمنِ بنُ عبدِ اللهِ بن كعبِ بن مالكٍ، أن عبدَ اللهِ بنَ كعبٍ قال: سمِعتُ كعبَ بنَ مالكٍ يقولُ: لمَّا قَدِمَ رسولُ اللهِ من تبوكَ، جَلَسَ


(١) في ص، ف: "مخشي"، وفى م: "مغشيا".
(٢) الكن: كل ما يرد الحر والبرد من الأبنية والغيران ونحوها: الوسيط (ك ن ن).
(٣) ذكره السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٤٦ إلى قوله: "جزاء بما كانوا يكسبون"، وعزاه إلى المصنف.