للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن ثابتٍ: ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾. فقال عمرُ: (الَّذين اتَّبعوهُم بإحْسانٍ). فقال زيدٌ: أميرُ المؤمنين أعلمُ. فقال عمرُ: ائتُونى بأبيِّ بن كعبٍ. فأتاه فسأله عن ذلك، فقال أبيٌّ: ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾. فقال عمرُ: إذن نُتابعُ أبَيًّا (١).

والقراءةُ على خفضِ الأنصار عطفا بهم على المهاجرين.

وقد ذكر عن الحسن البصرى أنه كان يقرأُ: (الأنصارُ) بالرفعِ. عطفًا بهم على السابقين (٢).

والقراءة التي لا أستجيزُ غيرَها، الخفضُ في ﴿الْأَنْصَارِ﴾ (٣)؛ لإجماعِ الحجةِ من القرأةِ عليه، وأن السابقَ كان من الفريقين جميعًا من المهاجرين والأنصارٍ، وإنما قَصَدَ الخبرَ عن السابقِ من الفريقين، دونَ الخبرِ عن الجميعِ، وإلحاقُ "الواوِ" في ﴿وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ﴾؛ لأن ذلك كذلك في مصاحفِ المسلمين جميعًا، على أن التابعين بإحسانٍ غيرُ المهاجرين والأنصارِ، وأما (السَّابقون) فإنهم مرفوعون بالعائدِ من ذكرِهم في قولِه: ﴿رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾.

ومعنى الكلامِ: رَضِيَ اللهُ عن جميعِهم لَمَّا أطاعوه، وأجابوا نبيَّه إلى ما دَعاهم إليه من أمرِه ونهيِه، ورَضِيَ عنه السابقون الأوَّلون من المهاجرين والأنصارِ، والذين اتَّبَعوهم بإحسانٍ، لَمَّا أجزَلَ لهم من الثوابِ على طاعتِهم إياه، وإيمانِهم به وبنبيِّه ﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ﴾ يَدْخُلُونها، ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾: لابثين فيها ﴿أَبَدًا﴾: لا يموتون فيها، ولا يَخْرجون منها ﴿ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾.


(١) فضائل القرآن لأبي عبيد ص ١٧٣ عن حجاج، وأخرجه ابن مردويه في تفسيره - كما في تخريج أحاديث الكشاف ٢/ ٩٦ - من طريق حبيب بن الشهيد، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٦٩ إلى سنيد وابن المنذر.
(٢) وهي قراءة يعقوب الحضرمي أحد القراء العشرة. ينظر إتحاف فضلاء البشر ص ١٤٧.
(٣) القراءتان كلتاهما صواب.