للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أشْهَدُ لك بها عندَ اللَّهِ". قال أبو جهلٍ وعبدُ اللَّهِ بنُ أبي أميةَ: يا أبا طالبٍ، أترغبُ عن ملةِ عبدِ المطلبِ؟! فلم يَزَلْ رسولُ اللَّهِ يَعْرِضُها عليه ويعيدُ له تلك المقالةَ، حتى قال أبو طالبٍ آخِر ما كَلَّمَهم: هو على ملةِ عبدِ المطلبِ. وأبَى أن يقولَ: لا إلهَ إلا اللَّهُ، فقال رسولُ اللَّهِ : "واللَّهِ لأسْتَغْفِرَنَّ لك ما لم أُنْهَ عنك". فأنْزَل اللَّهُ ﷿: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾، وأنزل اللَّهُ في أبى طالبٍ، فقال لرسولِ اللَّهِ : ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ﴾ الآية (١) [القصص: ٥٦].

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾. قال: [قولُ المؤمنين] (٢): ألا نستغفرُ لآبائِنا وقد استغفرَ إبراهيمُ لأبيه كافرًا؟ فأنزَل الله: ﴿وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ﴾ الآية.

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو حُذَيفةَ، قال: ثنا شبْلٌ، عن عمرِو بن دينارٍ، أن النبيَّ قال: "اسْتَغْفرَ إبراهيمُ لأبيه وهو مُشْرِكٌ، فلا أزالُ أستغفرُ لأبي طالبٍ حتى يَنْهانى عنه رَبِّي". فقال أصحابُه: لنَسْتَغْفرنَّ لآبائِنا كما استغفرَ النبيُّ لعَمِّه. فأنزل اللَّهُ: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ﴾ إلى قوله: ﴿تَبَرَّأَ مِنْهُ﴾ (٣).


(١) أخرجه مسلم (٢٤/ ٣٩) من طريق عبد الله بن وهب به.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "يقول المؤمنون".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٨٢، ٢٨٣ إلى المصنف.