للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتأويلُ الكلامِ إِذًا: ولقد تابَ اللهُ على الثلاثة الذين خَلَّفهم الله عن التوبة، فأَرْجَأَهم عمَّن تابَ عليه ممن تَخَلَّفَ عن رسول الله .

كما حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، عن مَعْمَرٍ، عمَّن سَمِعَ عكرمة في قوله: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾. قال: خُلِّفُوا عن التوبة (١).

حدَّثنا بشْرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ: أما قولُه: ﴿خُلِّفُوا﴾. فخُلِّفوا عن التوبة (٢).

﴿حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ﴾. يقولُ: بِسَعتِها، غَمًّا وندمًا على تَخلُّفِهم عن الجهادِ مع رسول الله ﴿وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ﴾، بما نالهم من الوَجْدِ والكَرْبِ بذلك، ﴿وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ﴾. يقولُ: وأَيْقَنُوا بقلوبهم أن لا شيء لهم يَلْجَئُون إليه مما نَزَلَ بهم مِن أمرِ اللهِ مِن البَلاءِ بتَخَلُّفِهم خلافَ رسولِ الله ، يُنجِّيهم مِن كَرْبِه، ولا مما يَحْذَرون من عذابِ اللهِ - إلا الله، ثم رَزَقَهم الإنابة إلى طاعته، والرجوع إلى ما يُرْضيه عنهم، ليُنيبوا إليه، ويَرْجعوا إلى طاعته، والانتهاء إلى أمره ونَهْيِه، ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾. يقولُ: إن الله هو الوَهَّابُ لعباده الإنابةَ إلى طاعتِه، الموفِّقُ مَن أحبَّ توفيقه منهم لما يُرْضِيه عنه، ﴿الرَّحِيمُ﴾ بهم، أن يُعاقبهم بعد التوبة، أو يَخْذُلَ مَن أراد منهم التوبة والإنابة ولا يتوبَ عليه. وبنحو ما قُلنا في تأويل ذلك قال أهلُ التأويل.


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٩٠، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٨٩ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ، وابن عساكر.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٠٤ من طريق سعيد بن بشير عنه به.