للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك لرسول الله ، أحسن مما ابْتَلاني (١)، والله ما تَعمَّدتُ كذبةً مُذْ قلتُ ذلك لرسول الله إلى يومى هذا، وإنى أرجو [أن يَحْفَظَني] (٢) الله فيما بقي. قال: فأنزل الله: ﴿لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ﴾ حتى بَلَغَ: ﴿اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾. قال كعبٌ: والله ما أنعم الله عليَّ (٣) من نعمةٍ قَطُّ بعد أن هَدانى للإسلام أعظمَ في نفسى مِن صِدْقى رسولَ اللهِ أن لا أكونَ كَذَبْتُه فأَهْلِكَ كما هلَك الذين كذبوا (٤)، فإِنَّ الله قال للذين كَذَبوا حينَ أَنزَل الوحى شَرَّ ما قال لأحدٍ: ﴿سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ إلى قوله: ﴿لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ [التوبة: ٩٦].

قال كعبٌ: كُنَّا (٥) خُلِّفْنا، أَيُّها الثلاثةُ، عن أمر أولئك الذين قَبِلَ رسولُ اللهِ توبتَهم حينَ حَلَفُوا له، فبايَعَهم واسْتغفَر لهم، وأَرْجَأَ رسولُ الله ما أمرنا حتى قَضَى الله فيه، فبذلك قال الله: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾. وليس الذي ذكر الله مما خُلِّفْنا عن الغزو، إنما هو تَخْليفُه إيَّانا وإرْجاؤُه أَمْرَنا عمن حلف له واعْتَذَرَ إليه، فقبل منه (٦).


(١) في صحيح مسلم: "أبلانى". والبلاء والإبلاء يكونان في الخير والشر معًا. يقال: ابتليته بلاء حسنًا وبلاء سيئًا. اللسان (ب ل ى).
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف. وانظر صحيح مسلم.
(٤) في م: "كذبوه".
(٥) سقط من: م.
(٦) في م: "منهم". والحديث أخرجه البخارى (٤٦٧٦، ٦٦٩٠)، ومسلم (٢٧٦٩)، وأبو داود (٢٢٠٢، ٢٧٧٣، ٣٣١٧، ٤٦٠٠)، والنسائي (٧٣٠، ٣٤٢٢، ٣٨٣٣) من طريق ابن وهب به مطولا ومختصرًا، وأخرجه أحمد ٢٥/ ٦٥ (١٥٧٨٨)، والبخارى (٣٨٨٩) من طريق يونس به، ولم يسق البخاري لفظه، وعند أحمد مختصرًا، وينظر مسند الطيالسي (١٠٣٤).