للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: لم يكنْ لأهل المدينة، مدينة رسول الله ﴿وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ﴾ سُكَّانِ البَوادى الذين تَخَلَّفوا عن رسول الله في غزوة تبوكَ، وهم من أهل الإيمان به، أن يَتَخَلَّفوا في أهاليهم ولا [دارٍ لهم] (١)، [ولا] (٢) أن يَرْغَبوا بأنفسهم عن نفسه في صُحْبتِه في سفره والجهاد معه، ومعاونته على ما يُعانيه في غزوِه، ﴿ذَلِكَ﴾. يقولُ: إنما (٣) لم يكن لهم هذا ﴿بِأَنَّهُمْ﴾؛ من أجل أنهم، وبسبب أنهم ﴿لَا يُصِيبُهُمْ﴾ في سفرهم (٤) إذا كانوا معه ﴿ظَمَأٌ﴾. وهو العطشُ، ﴿وَلَا نَصَبٌ﴾. يقولُ: ولا تَعَبٌ. ﴿وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾. يعنى: ولا مجاعةٌ في إقامة دينِ اللهِ ونُصْرتِه، وهَدْمِ (٥) مَنَارِ الكفر، ﴿وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا﴾. يعنى أرضًا. يقولُ: ولا يطئونَ أرضًا، ﴿يَغِيظُ الْكُفَّارَ﴾، وَطُؤُهم إياها، ﴿وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا﴾. يقولُ: ولا يُصيبون [من عدوِّ اللهِ وعدوِّهم] (٦) شيئًا في أموالهم وأنفسهم وأولادهم، إلا كتب الله لهم بذلك كلِّه ثواب عملٍ صالحٍ قد ارْتَضَاه، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾. يقولُ: إن الله لا يَدَعُ مُحْسِنًا مِن خلقه أحسَن في عمله فأطاعَه فيما أمَرَه، وانتهى عما نهاه عنه، أن يُجازيَه على إحسانه، ويُثيبَه على صالحِ عملهِ. فلذلك كتب لمن فعل ذلك من أهل المدينة ومَن حولَهم من الأعرابِ ما ذكَر في هذه الآية، الثوابَ على كلِّ ما فعَل، فلم


(١) في م: "دارهم".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٣) في م: "إنه".
(٤) في ص: "سيرهم"، وفى ت ١، ت ٢، س: "سرهم".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "هزم".
(٦) في ص، ف: "عدو الله ولهم"، وفى ت ١، ت ٢، س: "عدوا لله وعدو لهم".