للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولَه: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾. يقولُ: ما كان المؤمنون ليَنْفِروا جميعًا، ويَتْرُكوا النبيَّ وحدَه، ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾. يعني عُصْبةً، يعنى السَّرايا، ولا يَتَسَرَّوا إلا بإذنه، فإذا رجَعت السَّرايا، وقد نزَل بعدَهم قرآنٌ، تَعَلَّمَه القاعدون من النبيِّ ، قالوا: إن الله قد أنزل على نبيِّكم بعدَكم قُرآنًا وقد تَعَلَّمْناه. فتَمْكُثُ السَّرايا يتعلَّمون ما أنزل الله على نبيِّهم [بعدَهم، ويبعثَ سرايا أخر، فذلك قولُه: ﴿لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾. يقولُ: يتعلَّمُون ما أنزل الله على نبيِّه] (١)، ويُعَلِّمُوا (٢) السَّرايا إذا رجَعت إليهم لعلهم يَحْذَرون (٣).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ قوله: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾. إلى قوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾. قال: هذا إذا بعَث نبيُّ الله الجيوشَ، أمرَهم ألا يُعْرُوا (٤) نبيَّه، وتقيمُ طائفةٌ مع رسول الله تَتَفَقَّهُ في الدين، وتَنْطلِقُ طائفةٌ تَدْعو قومَها، وتُحذِّرُهم وقائع الله في من خَلا قبلَهم (٥).

حدَّثنا الحسينُ، قال: سمِعتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: ثنا عبيدُ بنُ سليمانَ، قال: سمِعتُ الضَّحَّاكَ يقولُ في قوله: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً﴾، الآية كان نبيُّ الله إذا غَزا بنفسِه لم يَحِلُّ لأحدٍ من المسلمين أن يَتَخَلَّفَ عنه، إلا أهل العُذرِ، وكان إذا أقامَ فَأُسِرَّت السَّرايا، لم يَحِلُّ لهم أن يَنْطَلِقوا إلا بإذنه، فكان


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٢) في م: "يعلمونه".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩٠٩، ١٩١٢ من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٩٢ إلى ابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في المدخل.
(٤) أعرى القوم صاحبهم: تركوه في مكانه وذهبوا عنه. اللسان (ع ر و).
(٥) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ١٧٣.