حدَّثنا المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد اللهِ بن الزبير، عن ابن عُيَينةَ، قال: ثنا سليمان الأحولُ، عن عكرمة، قال: سمعته يقولُ: لما نزلت: ﴿إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾ [التوبة: ٣٩]. ﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ﴾. إلى قوله: ﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾: قال المنافقون: هَلَكَ أصحابُ البَدْوِ الذين تَخَلَّفوا عن محمدٍ ولم ينفروا معه. وقد كان ناسٌ مِن أصحاب رسول الله ﷺ خرجوا إلى البَدْوِ، إلى قومِهم يُفقِّهونهم، فأَنزَل اللهُ: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾. إلى قوله: ﴿لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾. ونزلت: ﴿وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ﴾ الآية.
واختلف الذين قالوا: عُنِى بذلك النهى عن نَفْرِ الجميع في السريةِ وتَرْكِ النبيِّ ﷺ وحده - في المعنيِّين بقوله: ﴿لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ﴾؛ فقال بعضُهم: عُنى به الجماعة المتخلِّفة مع رسول الله ﷺ. وقالوا: معنى الكلام: فهَلَّا نَفَر مِن كلِّ فرقة طائفةٌ للجهادِ؛ ليَتَفَقَّهَ المتخلِّفون في الدِّينِ، وليُنْذِروا قومهم الذين نَفَروا في السرية إذا رجعوا إليهم مِن غزوِهم؟
(١) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٢٨٩٦)، (١٠٥١ - تفسير)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٩٧ - مختصرا - من طريق سفيان به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٩٢ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ.