للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصار صاحبُه له فيها شافعًا، وطلبه فيه وفى حاجتهِ شَفاعةً، ولذلك سُمِّى الشفيعُ في الدارِ والأرضِ شفيعًا؛ لمصيرِ البائعِ به شَفْعًا.

فتأويلُ الآيةِ إذن: واتَّقوا يومًا لا تَقْضِى نفسٌ عن نفسٍ حقًّا لزِمها للهِ ﷿ ولا لغيرِه، ولا يَقْبَلُ اللهُ منها شفاعةَ شافعٍ، فيَتْرُكَ لها ما لزِمها مِن حقٍّ.

وقيل: إن اللهَ جل ثناؤُه خاطَب أهلَ هذه الآيةِ بما خاطَبهم به فيها؛ لأنهم كانوا مِن يهودِ بنى إسرائيلَ، وكانوا يقولون: نحن أبناءُ اللهِ وأَحبَّاؤُه وأولادُ أنبيائِه، وسيَشْفَعُ لنا عندَه آباؤُنا. فأخْبَرَهم اللهُ تعالى ذكرُه أن نفسًا لا تَجْزِى عن نفسٍ شيئًا في القيامةِ، ولا يُقْبَلُ منها شفاعةُ أحدٍ فيها حتى يُسْتَوْفَى لكلِّ ذى حقٍّ منها حقُّه.

كما حَدَّثَنِي عباسُ بنُ أبى طالبٍ، قال: حَدَّثَنَا حجاجُ بنُ نُصَيْرٍ، عن شعبةَ، عن العَوَّامِ بنِ مُزَاحِمٍ (١) -رجلٌ مِن بنى قيسِ بنِ ثَعْلَبةَ- عن أبي عثمانَ النَّهْدىِّ، عن عثمانَ بنِ عفانَ، أن رسولَ اللهِ قال: "إِنَّ الجَمَّاءَ لَتَقْتَصُّ مِن القرْنَاءِ يَوْمَ القِيَامَةِ" (٢).

وكما قال اللهُ جلَّ ثناؤُه: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ


(١) هكذا في النسخ، وهو قول ابن معين. وفى ر: "مراحم". والصواب: مراجم. بالراء والجيم. ينظر المؤتلف للدارقطني ٤/ ٢٠٧٨، وتعجيل المنفعة ٢/ ٨٨.
(٢) إسناده ضعيف؛ حجاج بن نصير ضعيف. وأخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ١/ ٥٤٢ (٥٢٠)، والبزار (٣٨٧)، والعقيلى في الضعفاء ١/ ٢٨٥، وابن عدى في الكامل ٢/ ٦٤٩، والدارقطني في العلل ٣/ ٦٤ من طرق عن حجاج بن نصير به.
وأخرجه العقيلى ١/ ٢٨٥، ٢٨٦، وابن عدى ٢/ ٦٥٠، والدارقطني ٣/ ٦٥ من طريق غندر، عن العوام، عن أبي السليل، عن سلمان، موقوفًا. وهو الصواب. قال ابن عدى: قال لنا ابن صاعد: وليس هذا من حديث عثمان عن النبي ، إنما رواه أبو عثمان، عن سلمان من قوله. وينظر العلل لابن أبي حاتم (٢١٤٢، ٢١٦٦)، وعلل الدارقطنيّ.
ومعناه في صحيح مسلم (٢٥٨٢) عن أبى هريرة مرفوعًا.