للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: فإن تَوَلَّى يا محمدُ هؤلاء الذين جئْتَهم بالحقِّ مِن عندِ ربِّك من قومك، فأدْبَروا عنك، ولم يَقْبَلوا ما أتيتَهم به مِن النصيحة في (١) الله، وما دعوتهم إليه من النور والهُدَى. ﴿فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ﴾: يَكْفِينى ربِّي، ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ لا معبود سواه، ﴿عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ﴾، وبه وَثِقتُ، وعلى عونِه اتَّكَلتُ، وإليه وإلى نصره اسْتَنَدْتُ، فإنه ناصِرى ومُعِينى على مَن خالَفَنى: وتَوَلَّى عنى منكم ومن غيركم من الناسِ، ﴿وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ الذي يَمْلِكُ كلَّ ما دونَه، والمُلوكُ كلُّهم مَماليكُه وعبيدُه.

وإنما عَنَى بوصفه جلّ ثناؤُه نفسَه بأنه ربُّ العرش العظيم، الخبرَ عن جميع ما دونَه أنهم عبيدُه، وفى مُلْكِه وسُلطانِه؛ لأن العرش العظيم إنما كان (٢) يكونُ للملوك، فوصَف نفسه بأنه ذو العرش العظيم (٢) دونَ سائرِ خلقِه، وأنه الملكُ العظيمُ دونَ غيره، وأن مَن دونَه في سلطانه ومُلْكه، جارٍ عليهم (٣) حكمُه وقضاؤُه.

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ﴾: يعنى الكفارَ، تَوَلُّوا عن رسولِ اللهِ ، وهذه في المؤمنين (٤).

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا ابن عُيَينةَ، عن عمرٍو، عن عُبَيدِ بن عُمَيرٍ، قال: كان عمرُ رحمة الله عليه لا يُثْبِتُ آيةً في المصحفِ حتى يَشْهَدَ رجلان، فجاء رجلٌ من الأنصار بهاتين الآيتين: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ


(١) بعده في ت ١، ت ٢، س: "دين".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "عليه".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٩١٩ من طريق أبي صالح به.