للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: إن الذين لا يَرْجون (١) لقاءَنا يومَ القيامةِ، فهم لذلك مُكَذِّبون بالثوابِ والعقابِ، مُتَنافِسون فى زِيَنِ (٢) الدنيا وزَخارفِها، راضُون بها عوضًا مِن الآخرةِ، مُطْمَئِنِّين إليها ساكِنينِ، الَّذِينَ (٣) هم عن آياتِ اللهِ، وهى أدلتُه على وَحْدانيتِه، وحُجَجِه على عبادِه، في إخلاصِ العبادةِ له - ﴿غَافِلُونَ﴾ مُعْرِضون عنها لاهُون، لا يَتَأمَّلونها تأمُّلَ ناصحٍ لنفسِه، فيَعْلَموا (٤) بها حقيقة ما دَلَّتْهم عليه، ويَعْرِفوا بها بُطُولَ ما هم عليه مُقِيمُون،

﴿أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: هؤلاء الذين هذه صفتُهم، ﴿مَأْوَاهُمُ﴾. مصيرُهم (٥) إلى النارِ؛ نارِ جهنمَ في الآخرة؛ ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ فى الدنيا من الآثامِ والأجْرامِ (٦)، ويَجْتَرِحون من السيئاتِ

والعربُ تقولُ: فلانٌ لا يَرْجو فلانًا. إذا كان لا يَخافُه. ومنه قولُ اللَّهِ جلّ ثناؤُه: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا﴾ [نوح: ١٣]. ومنه قولُ أبي ذُؤيبٍ (٧):

إذا لَسَعَتْه النَّحْلُ لم يَرْجُ لَسْعَها … وخالَفَها فى بيتِ نُوبٍ عَوَامِلِ (٨)

وبنحو ما قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) في ص، م: "يخافون".
(٢) في ت ١: "زينة".
(٣) في م: "والذين".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "فيعملوا".
(٥) فى م: "مصيرها".
(٦) الأجرام: جمع جُرم، وهو التَّعدِّى، والذنب، والجريمة. ينظر لسان العرب (ج ر م).
(٧) تقدم في ٧/ ٤٥٦.
(٨) فى م: "عواسل". والعوامل: جمع عامل. ينظر الوسيط (ع م ل).