للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ﴾. والكافرُ يَمْثُلُ له عملُه في صورة سيئةٍ، وريحٍ مُنْتِنَةٍ، فيُلازِمُ صاحبَه [ويُلازُّه] (١) حتى يَقْذِفَه فى النارِ (٢).

وقال آخرون: معنى ذلك: بإيمانهم يَهْدِيهم ربُّهم لدينِه. يقولُ: بتَصْديقِهم هَدَاهم (٣).

وقولُه: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ﴾. يقولُ: تَجْرِى مِن تحتِ هؤلاء المؤمنين، الذين وصَف جلَّ ثناؤُه، صفتَهم، أنهارُ الجنة. ﴿فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾. يقولُ: في بَساتينِ النعيمِ، الذى نَعَّمَ الله به أهلَ طاعتِه والإيمان به.

فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: ﴿تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ﴾. وإنما وَصَف، جلَّ ثناؤُه، أنهارَ الجنةِ فى سائرِ القرآن أنها تَجْرِى تحتَ الجناتِ؟ وكيف يُمْكِنُ الأنهارُ أن تَجْرِي مِن تحتِهم، إلا أن يكونوا فوقَ أرضِها، والأنهارُ تجرى (٤) تحتَ أرضِها؟ وليس ذلك مِن صفةِ أنهارِ الجنةِ؛ [لأن من صفتِها أنها] (٥) تَجْرِى على وجهِ الأرضِ في غيرِ أخاديدَ؟

قيل: إن معنى ذلك بخلافِ ما إليه ذهَبتَ، وإنما معنى ذلك: تَجْرِى مِن دونِهم الأنهارُ. أَى (٦): بين أيديهم في بساتينِ النعيمِ. وذلك نظيرُ قولِ اللَّهِ جَلَّ ثناؤُه: ﴿قَدْ


(١) سقط من: ت ١، والدر المنثور. وفى م: "ويلاده". وفى س، ف: "ويلاوه". ولازَّه مُلازَّةً ولِزازا: قارنَه. ولازَزتُه: لاصَقتُه. يُنظر لسان العرب وتاج العروس (ل ز ز).
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ١٨٦، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٣/ ٣٠١ إلى ابن المنذر وأبى الشيخ.
(٣) بعده فى ص، م، ت ٢: "ذكر من قال ذلك". وفى حاشية ص أمامها: "كذا" وبعدها قدر سطر بياض.
(٤) بعده فى ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "من".
(٥) في ص، ت ٢، س، ف: "لا من صفتها إنما"، وفى ت ١: "ولا من صفتها إنما"، وفى م: "لأن صفتها أنها".
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "إلى"، وفى م: "إلى ما".