للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسن، أنه كان يقرأُ: (ولا أدْرَأَتُكُم (١) به) يقولُ: ما أعلمتُكم به (٢).

حُدِّثتُ عن الحسينِ بن الفرجِ، قال: سَمِعتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: أخبَرنا عُبيدٌ، قال: سَمِعتُ الضّحَاكَ يقولُ فى قولِه: ﴿وَلَا أَدْرَاكُمْ بِهِ﴾. يقولُ: ولا أشعَرَكم الله به.

وهذه القراءةُ التي حُكِيَت عن الحسنِ عندَ أهلِ العربية غَلَطٌ، وكان الفراءُ يقولُ في ذلك (٣): قد ذُكِرَ عن الحسنِ أنه قال: (ولا أدْرَأْتُكم به). قال: فإن يكنْ فيها (٤) لغةٌ سوى دَرَيتُ وأدْرَيتُ، فلعلَّ الحسنَ ذهَب إليها. وأما أن يَصلُحَ مِن دَرَيتُ أو أدريتُ، فلا؛ لأن الياء والواوَ إذا انفتَح ما قبلَهما وسكَنتا، صحَّتا ولم تَنْقَلِبا إلى "ألفٍ"، مثلَ: قَضَيتُ ودَعَوتُ. ولعلَّ الحسنَ ذَهَبَ إلى طبيعتهِ وفصاحتِه فهمَزَها؛ لأنها تضارِعُ: دَرَأْتُ الحدَّ وشِبهَه. وربما غَلِطَت العربُ في الحرفِ إذا ضارَعَه آخرُ من الهمزِ، فيَهمِزون غيرَ المهموزِ، وسمِعتُ امرأةً مِن طيِّئ تقولُ: رَثَأْتُ زوجي بأبياتٍ. ويقولون: لبَّأْتُ بالحجِّ، وحَلَّأْتُ السَّوِيقَ. يَتَغَلَّطون (٥)؛ لأن حَلأتُ قد يقالُ فى دفع العِطاشِ من الإبل. ولبَّأتُ ذَهَب (٦) به إلى اللِّبأ (٧)؛ لبَأ الشاةِ. ورَثَأْت زوجى. ذهَب (٦) به إلى: رَثَأتُ اللبنَ. إذا أنت حلَبت الحليبَ على الرائبِ، فتلك الرَّثيئةُ.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "أدراكم".
(٢) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٣/ ٣٠٢ إلى المصنف وابن المنذر وأبي عبيد، وينظر قراءة الحسن في مختصر شواذ القراءات ص ٦١ ومعانى القرآن للفراء ١/ ٤٥٩، واتحاف فضلاء البشر ص ١٤٩.
(٣) ينظر معانى القرآن ١/ ٤٥٩.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "منها".
(٥) في معاني القرآن: "فيغلطون".
(٦) فى م: "ذهبت".
(٧) اللبأ: أول ما يحلب عند الولادة. النهاية ٤/ ٢٢١.