للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٢٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: الله الذى يُسَيرُكم، أيُّها النَّاسُ، في البر على الظَّهْرِ، وفى البحر في الفلكِ، ﴿حَتَّى إِذَا كُنتُمْ فِي الْفُلْكِ﴾، وهى السُّفنُ، ﴿وَجَرَيْنَ بِهِم﴾. يعنى: وجَرَتِ الفلك بالناسِ، ﴿بِريحٍ طيبة﴾ في البحر ﴿وَفَرِحُوا بِهَا﴾. يعنى: وفَرِحَ رُكْبانُ الفلكِ بالريح الطيبة التي يسيرون بها. والهاءُ في قولِه: ﴿بِهَا﴾ عائدةٌ على الريحِ الطيبةِ، ﴿جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ﴾. يقولُ: جاءت الفلكَ ريحٌ عاصفٌ، وهي الشديدةُ.

والعربُ تقولُ: ريحٌ عاصفٌ وعاصفةٌ، وقد أعْصَفَتِ الريحُ وعصفت. و"أعْصَفَت" في بني أسدٍ فيما ذُكِر؛ قال بعضُ بني دُبَيْرِ (١).

حَتَّى إِذا أَعْصَفَتْ رِيحٌ مُزَعْزِعَةٌ … فيها قطارٌ (٢) ورَعْدٌ صَوْتُه زَجِل (٣)

﴿وَجَاءَ هُمُ الْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ﴾. يقول تعالى ذكرُه: وجاءَ ركبانَ السفينةِ الموجُ من كل مكانٍ، ﴿وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِم﴾. يقولُ: وظَنُّوا أن الهلاكَ قد أحاطَ بهم وأحْدَقَ، ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾. يقولُ: أَخْلَصُوا الدعاءَ للَّهِ هنالك، دون أوثانهم وآلهتِهم، وكان مَفْزَعُهم حينئذٍ إلى اللَّهِ دونَها.

كما حدَّثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، عَن مَعْمَرٍ، عن قتادةَ في قوله: ﴿دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾. قال: إذا مَسَّهم الضُّرُّ في البحرِ


(١) البيت في معانى القرآن ١/ ٤٦٠ غير منسوب إلى قائل.
(٢) جمع قَطر وهو: المطر. التاج (ق ط ر).
(٣) الزَّجَل: رفع الصوت، وخُص به التطريب. اللسان (ز ج ل).