للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه: إنما مثلُ ما تُباهون في الدنيا، وتَفاخَرون به من زينتِها وأموالِها، مع ما قد وُكِّل بذلك مِن التَّكدير والتنغيصِ وزوالِه بالفناءِ والموتِ، كمثلِ ﴿مَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ﴾. يقولُ: كمطرٍ أرسَلناه من السماءِ إلى الأرضِ، ﴿فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ﴾. يقولُ: فتبت بذلك المطرِ أنواعٌ مِن النباتِ، مختلِطٌ بعضُها ببعضٍ.

كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حَجَّاجٌ، عن ابنِ جُرَيحِ، عن عطاءٍ الخراسانيِّ، عن ابنِ عباسٍ قوله: ﴿إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ﴾. قال: اخْتَلَطَ، فنبت بالماء كلُّ لونٍ مما يأكُلُ الناسُ، كالحِنطة والشعيرِ وسائرِ حبوب الأرضِ والبقولِ والثمارِ، وما يأكُلُه الأنعامُ والبهائمُ مِن الحشيشِ والمَراعي (١).

وقولُه: ﴿حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا﴾. [يعنى: ظهر حسنُها وبهاؤُها] (٢)، ﴿وَازَّيَّنَتْ﴾. يقولُ: وتَزَيَّنَت. ﴿وَظَنَ أَهْلُهَا﴾. يعنى: أهلُ الأرضِ، ﴿أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا﴾. يعنى: على ما أنبَتَت. وخرَج الخبرُ عن الأرضِ، والمعنى للنباتِ، إذ كان مفهومًا بالخطابِ ما عُنى به. وقولُه: ﴿أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا﴾. يقولُ: جاء الأرضَ أمرُنا. يعنى: قضاؤُنا بهلاكِ ما عليها مِن النباتِ؛ إما ليلًا وإما نهارًا، ﴿فَجَعَلْنَاهَا﴾. يقولُ: فَجَعَلْنا ما عليها ﴿حَصِيدًا﴾. يعنى: مقطوعة مقلوعةً من أصولها، وإنما هي محصودةٌ صُرِفَت إلى حصيدٍ، ﴿كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ﴾. يقولُ: كأن لم تكن تلك الزروعُ والنباتُ على ظهرِ الأرضِ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٠٤ إلى المصنف وابن المنذر.
(٢) سقط من: ت ١، ت ٢، س، ف.