للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتَغْشاهم ذلةٌ وهوانٌ بعقابِ اللهِ إيَّاهم. ﴿مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾. يقولُ: ما لهم مِن اللهِ مِن مانعٍ يمنُعهم إذا عاقَبهم يحولُ بينَه وبينَهم.

وبنحوِ الذى قُلنا في قولِه: ﴿وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾. قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباس قولَه: ﴿وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ﴾. قال: تَغْشاهم ذلةٌ وشدةٌ (١).

واختَلَف أهلُ العربيةِ في الرافعِ "للجزاءِ": فقال بعضُ نحويِّى الكوفةِ: رُفعَ بإضمارِ "لهم"، كأنه قيل: ولهم جزاءُ السيئةِ بمثلها. كما قال: ﴿فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٦]. والمعنى: فعليه صيامُ ثلاثةِ أيامٍ. قال: وإن شئتَ رفعتَ "الجزاءَ" بالباءِ في قولِه: ﴿جَزَاءُ سَيِّئَةِ بِمِثْلِهَا﴾.

وقال بعضُ نحويِّى البصرةِ: "الجزاءُ" مرفوعٌ بالابتداءِ، وخبرُه "بمثلِها". قال: ومعنى الكلامِ: جزاء سيئةٍ مثلُها، وزِيدَت "الباءُ"، كما زِيْدَت في قولِهم (٢): بحسبِك قولُ السوءِ. وقد أنْكر ذلك مِن قولِه (٣) بعضُهم، فقال: يجوزُ أن تكونَ "الباء" في "حسبِ" (٤)؛ لأن التأويلَ: إن قلت السوءَ فهو حسبُك. فلما لم تَدخُلْ في الجزاءِ، أُدْخِلت في حسبِ. بحسبِك أن تقومَ: إن قمتَ فهو حسبُك. فإن مُدِحَ ما بعد حسبِ، أُدْخِلتِ "الباءُ" فيما بعدَها، كقولِك: حسبُك بزيدٍ. ولا


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٠٧ إلى المصنف.
(٢) في م: "قوله".
(٣) في م، ت ١، ت ٢، س، ف: "قول".
(٤) كذا في النسخ، ومقتضى الكلام أن يكون بعدها كلمة: "زائدة".