للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقهرِه لهم، فكذلك كلُّ قاتلٍ نفسًا بأمرِ غيرِه ظلمًا، فهو المقتولُ به عندَنا قِصاصًا، وإن كان قتلُه إياه بإكراهِ غيرِه له على قتلِه.

وأما تأويلُ ذَبْحِهم أبناءَ بني إسرائيلَ، واستحيائِهم نساءَهم، فإنه كان فيما ذُكِر لنا عن ابنِ عباسٍ وغيرِه كالذى حدَّثنا به العباسُ بنُ الوليدِ الآمُلىُّ وتَميمُ بنُ المُنْتَصرِ الواسطىُّ، قالا: حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، قال: أخْبَرَنا الأصبغُ بنُ زيدٍ، قال: حدَّثنا القاسمُ بنُ أبى (١) أيوبَ، قال: حدَّثنى سعيدُ بنُ جبيرٍ، عن ابنِ عباسٍ، قال: تذاكَر فرعونُ وجُلساؤُه ما كان اللهُ تعالى ذكرُه وعَد إبراهيمَ خليلَه أن يجْعَلَ في ذريتِه أنبياءَ ومُلوكًا، فأْتمروا وأجْمَعوا أمرَهم على أن يَبعَثَ رجالًا معهم الشِّفَارُ (٢)، يَطُوفون في بني إسرائيلَ، فلا يَجِدون مولودًا ذكرًا (٣) إلا ذَبَحوه، ففعَلوا، فلمَّا رأَوْا أن الكبارَ مِن بني إسرائيلَ يَمُوتون بآجالِهم، وأن الصغارَ يُذَبَّحون، قال: تُوشكون أن تُفْنُوا بني إسرائيلَ، فتَصيروا إلى أن تُباشِروا مِن الأعمالِ والخِدْمةِ ما كانوا يَكْفُونكم، فاقْتُلوا عامًا كلَّ مولودٍ ذكرٍ، فَيقِلَّ (٤) أبناؤُهم، ودَعُوا عامًا. فحمَلَتْ أمُّ موسى بهارونَ في العامِ الذى لا يُذْبَحُ فيه الغِلْمانُ، فولَدَته عَلانيةً آمنةً (٥)، حتى إذا كان القابلُ حمَلَت بموسى (٦).

وقد حدَّثنا عبدُ الكريمِ بنُ الهَيْثمِ، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ بَشارٍ الرَّمَادىُّ،


(١) سقط من النسخ، وينظر تهذيب الكمال ٢٣/ ٣٣٦.
(٢) الشفار جمع شفرة، وهو السكين العظيم وما عُرِّض من الحديد وحُدِّد. القاموس المحيط (ش ف ر).
(٣) سقط من: ص، ر.
(٤) في ص، ت ٣: "فتقتل"، وفى ت ١: "فيقتل".
(٥) في ص، ر، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أمه". وغير واضحة في الأصل، والمثبت موافق لما في تفسير ابن كثير ٥/ ٢٧٩، والدر المنثور ٤/ ٢٩٦، وغيرهما كما سيأتي.
(٦) سيأتي تخريجه في تفسير الآية ٤٠ من سورة طه، في حديث الفتون الطويل.